تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سؤال حول الاموال المستخدمة للحج]

ـ[سمير محمود]ــــــــ[20 - 05 - 10, 01:47 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله

صديقي طلب مني أن أسألكم طلبة العلم والشيوخ سؤالا مهما.

صديقي يعمل في شركة التي تنشغل بتجارة الجملة وهو يحمل البضائع إلى مخازن ودكاكن مختلفة ولكن هناك إشكال وذلك انه 20 أو 30 في المئة من السلع بتكون من لحم الخنزير.

وهو يسأل الآن هل يجوز له الحج إلى بيت الله بما كسب في عمله هذا؟

ـ[إبراهيم محمد عبد الله الحسني]ــــــــ[20 - 05 - 10, 01:55 ص]ـ

الذي يحضرني الآن أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ...

والذي أذكره هو المذهب المالكي: ويدرجون هذا النوع تحت قاعدة عندهم وهي: عصى وصحت.

بمعنى أن من قام بعبادة وكانت وسيلته للقيام بها معصية أنه تترتب عليه المعصية وتصح العبادة ..

فلو صلى في مكان مغصوب مثلا تصح صلاته مع الإثم، ولو حج بمال مسروق صح حجه مع الإثم .. وهكذا.

ولا أظن هذا يصح دليله الشرعي؛ بل الذي أميل إليه وإن كان لا يحضرني الدليل أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ..

وعليه أن يسأل أهل العلم مباشرة ويوضح لهم حيثيات المسألة.

والذي ينصح به هذا الأخ أن يبحث عن عمل آخر؛ فرزق الله تعالى كثير، ومن استغنى بالله أغناه الله ..

ـ[سمير محمود]ــــــــ[20 - 05 - 10, 12:49 م]ـ

بارك الله فيك يا أستاذ!

ولكن عندي تختلف مسألتنا هذه قليلا مما ذكرتموه أي الصلاة في أرض مغصوبة أو ثوب مغضوب. ومثل هذا يصح عند الجمهور وإن كان مصلي في الثوب المغصوب عاصيا. وعند الحنابلة لا تصح الصلاة في الثوب المغصوب أو في الأرض المغصوبة. واختلاف بين مسألتين يدور حول تعيين المحرم والشي المغصوب حرام بعينه ولكن النقود ليست بحرام في ذاتها بل مختلطة. وفي ذلك يقول الإمام العز بن عبد السلام في كتابه "القواعد الكبرى" ما نصه:

" فإن قيل: ما تقولون في معاملة من اعترف بأن أكثر ماله حرام، هل تجوز أم لا؟

قلنا: إن غلب الحرام عليه بحيث يندر الخلاص منه لم تجز معاملته، مثل أن يقر إنسان أن في يده ألف دينار كلها حرام إلا دينارا واحدا، فهذا لا تجوز معاملته، لندرة الوقوع في الحلال، كما لا يجوز الاصطياد إذا اختلطت حمامة برية بألف حمامة بلدية، وإن عومل بأكثر من الدينار أو اصطياد أكثر من حمامة فلا شك في تحريم ذلك، وإن غلب الحلال بأن اختلط درهم حرام بألف درهم حلال جازت المعاملة كما لو اختلطت أخته من الرضاع بألف امرأة أجنبية، أو اختلطت ألف حمامة برية بحمامة بلدية فإن المعاملة صحيحة جائزة لندرة الوقوع في الحرام. وكذلك الاصطياد، وبين هاتين الرتبتين من قلة الحرام وكثرته مراتب محرمة، ومكروهة، ومباحة، وضابطها أن الكراهة تشتد بكثرة الحرام وتخف بكثرة الحلال، فاشتباه أحد الدينارين بآخر سبب تحريم بين، واشتباه دينار حلال بألف دينار حرام سبب تحريم بين، وبينهما أمور مشتبهات مبنية على قلة الحرام وكثرته بالنسبة إلى الحلال فكلما كثر الحرام تأكدت الشبهة، وكلما قل خفت الشبهة إلى أن يساوي الحلال الحرام فتستوي الشبهات"

القواعد الكبرى الموسوم بقواعد الأحكام في إصلاح الأنام", 1/ 117 - 118 دار القلم

ويقول الشيخ الشثري:

"مسألة: الإنسان الذي يتعامل بالحلال والحرام هل يجوز معاملته وقبول هديته والأكل من الوليمة؟

هذا يقال فيه: ننظر إلى الحرام هذا هل هو عين أو نقد فإن النقود لا تتعين بالتعيين ولذلك مثلا من يأخذ النقود من الربا فإنه يجوز لغيره أن يتعامل معه بغير الربا لأن النقود لا تتعين بالتعيين أما إذا كان الحرام عينا مثل من سرق سيارة فإنه لا يجوز شراء هذه السيارة منه لأنه عين الحرام. إذ تقرر ذلك فمن اختلط ماله وأصبح فيه ما هو حلال وما هو حرام فإن كان نقودا جاز التعامل معه لأنها لا تتعين بالتعيين."

فهمنا من كلام الشيخ الشثري أن النقود مختلفة في حكمها من غيرها مما هو عين الحرام كما مثّل لذلك سيارة مسروقة وبعد ذلك يقول ما يهمني خاصة في هذا البحث:

"وبالنسبة له هو إذا تاب إلى الله وجب عليه إخراج النقد الذي دخل على ذمته لا بعينه وإنما بمقداره وكميته." (شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول, ص 59 - 60)

وكيف يصنع من لا يعرف بالضبط مقدار الحرام من ماله؟ ويغلب على الظن أن البضائع التي يحملها ذلك الرجل مقدارها المحرم يتردد بين عشرين وثلاثين في المئة وذلك يختلف باختلاف الأزمنة وله أيضا رواتب شهرية.

ثم هل يساوي الحج المعاملات التي أتى الشيخ بها أمثلة مثل الشراء والتصدق؟ بارك الله فيكم!

ـ[إبراهيم محمد عبد الله الحسني]ــــــــ[20 - 05 - 10, 03:39 م]ـ

أخي الكريم: تلخيص المسألة هو ما ذكرت لك، وخلاف أهل العلم فيها أكثر من ذلك، وأدلتهم أوسع، ولك أن تراجعها في كتب الفقه المقارن كالإستذكار والمحلى والمغني والسيل الجرار وغيرهم ..

وأما نقلك عن العز رحمه الله تعالى، فتلك مسألة اجتهادية لا نص فيها أعني مسألة أغلبية المال الحرام على مال الشخص، وهي قياسات محضة ..

أما كلام الشيخ الشثري فهو أيضا محل خلاف بين أهل العلم، وما ذكره من عدم جواز شراء السيارة المسروقة لأنها متعينة الحرمة، فهو مذهب الحنابلة، ولا شك أنه أورع، وهذا بشرط أن يكون الراغب في الشراء عالم بالسرقة، وإلا فلا حرمة، إلا من باب الورع، كما حكي عن أحد السلف أنه سرقت شاة في قريته؛ فسأل أهل الغنم كم تعيش الغنم عادة فقالوا له حوالي عشرين سنة فلم يأكل لحم الغنم مدة عشرين سنة ..

وهذا من حيث الورع ممدوح - نوعا ما - ولكن في الشرع يقول بعض أهل العلم "الحرام لا يتعلق بذمتين"

أما الحج والعبادات عموما فهي تختلف اختلافا كليا عن المعاملات، والقواعد الأصولية المجملة التي بنى عليها أهل العلم العبادات مختلفة عن التي بنوا عليها المعاملات "أصولا، وفروعا "

وأنصحك بمراجعة الكتب التي ذكرت لك فستجد فيها ما تريد بإذن الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير