تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[16 - 06 - 10, 11:38 ص]ـ

أ. د. سعود بن عبدالله الفنيسان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

لقد أفتى فضيلة الشيخ/ عبد المحسن العبيكان: بجواز إرضاع المرأة الرجل الأجنبي الكبير؛فتصبح المرضعة له أما، وأمها جدته، وأختها خالته، وبناتها أخواته، وهذا نص الفتوى: (إذا احتاج أهل بيت ما إلى رجل أجنبي يدخل عليهم بشكل متكرر، ودخوله يسبب لهم إحراجا؛ فإن للزوجة حق إرضاعه، واستشهد بحديث سالم مولى أبي حذيفة الوارد في صحيح مسلم. كما استدل بفهم عائشة- أم المؤمنين رضي الله عنها- بإن الإرضاع في تلك الحالة لا يختص بزمن معين، وإنما هو للعامة في كل الأزمان) ا. هـ. ولما روجِع في هذه الفتوى أكدها غير أنه استدرك قائلا: ( .. دون أن يرضع الكبير الأجنبي مباشرة من ثدي المرأة، وإنما تحلب له من ثديها في إناء، ويشربه خمس رضعات مشبعات للصغير!!) ولما أكثر عليه الناس الشغب من العامة والخاصة: أخرج الخدم والسائقين، ولا أدري ما هو دليله الشرعي أو العقلي على أخراجهم وإبقاء غيرهم!! وهكذا كل يوم يظهر له توضيح إثر آخر يخصص تلك الفتوى! وهذا أمر يشكر عليه من وجه، ولكن يعاب عليه من وجه آخر، حيث إنه لا يزال مصراً متمسكا في أصل فتواه، والاعتراف بالخطأ والرجوع إلى الحق فضيلة، ولكن لا يلقاها إلا ألوا العزم من أولى العلم والفضل.

ولي مع هذه الفتوى عدة وقفات:

الوقفة الأولى:

إرضاع الكبير على فرض القول بجوازه هل تثبت به محرمية الكشف (الحجاب ومحرمية السفر وتحريم النكاح)؟ والذي يظهر أن الفتوى توجب التعميم، وهو خطأ؛ فإن هذا الرضاع لا تثبت فيه أحكام أخرى كالنسب، والإرث، ولزوم النفقة، والعتق، والولاية .. الخ.

الوقفة الثانية:

ليس من صفة العالم أو طالب العلم تتبع شواذ الأقوال وغرائب الأحوال كالقول برضاع الكبير؛ فإنه يفتح على الناس أبواب فتن وشرور ما الله به عليم.وما أكثر الفتاوى الشاذة والقضايا الغريبة في بطون الكتب! فقد يخرج علينا غدا أو بعد غد من يقول إن أكل البرد (الثلج) للصائم لا يفطره! أو الأكل بعد الأذان قبل أن تطلع الشمس جائز يصح معه الصوم لوجود أحاديث وآثار يفهم منها هذا!

الوقفة الثالثة:

ليس كل ما يعلم يقال، ولا كل ما كان صحيحا يتعين العمل به. فهذا رسول الله يقول لعائشة (إن قومك قصرت بهم النفقة، ولولا أنهم كانوا حديثي عهد بكفر؛ لنقضت الكعبة، وبنيتها على قواعد إسماعيل، وجعلت لها بابين-:بابا يدخلون منه، وبابا للخروج) ثم فتحت الفتوحات، وتوفرت الغنائم والأموال، وانتشر الإسلام، ولم يغير الرسول بناء الكعبة، ولم يعدها إلى قواعد إسماعيل! ولهذا بوب البخاري عليه بابا في صحيحة: (باب من ترك بعض الأخبار مخافة أن يقصر الناس عن فهمه فيقعوا في أشد منه) ولما أراد أبو جعفر المنصور: أن يهدم الكعبة ويبنيها على قواعد إسماعيل قال له إمام الهجرة الإمام مالك بن أنس: لا تفعل يا أمير المؤمنين فتصبح الكعبة ألعوبة بأيدي الملوك كلما جاء ملك هدمها ثم بناها.

الوقفة الرابعة:

القول بأن الرضاع في زمن الكبر لا يُحرِّم: هو قول جمهور العلماء في كل المذاهب الإسلامية، ولم يقل به من السلف والخلف إلا أفراد قليلون يعدون على رؤوس الأصابع، أليس الأخذ بما عليه عامة العلماء أولى من الأخذ بالشاذ مما ذهب إليه قلة منهم!!؟ ثم أليس الأخذ بجواز الإرضاع للكبير يفتح أبواب شر وفتنه على الناس، خاصة في هذه العصور المتأخرة التي ضعف فيها وازع الإيمان والغيرة على المحارم!!؟ بل بدأنا نسمع انتهاك أعراض المحارم لبعض محارمهم.

الوقفة الخامسة:

ذكر في الفتوى الحاجة ( ... إذا احتاج أهل بيت ما .. ) فهل مجرد الحاجة تكون مبررا لهذا الرضاع!؟ أعتقد جازما أن الشيخ عبد المحسن لو لم يتعجل في فتواه لقال إذا كان هناك ضرورة شرعية، وهو يعلم أن الضرورة غير الحاجة، والكل يعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما سئل عن الحمو قال الحمو الموت) والحمو: أخ الزوج، أو أقربائه من عم وخال. وما سألوا عن الحمو إلا للحاجة القائمة إلى دخوله على زوجة أخيه لعيشهما في بيت واحد لا يسعها التحجب منه، ومع هذا أجاب الرسول بالمنع.

الوقفة السادسة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير