أما النص الذي لا يقبل التأويل فهو ما رواه مسلم رحمه الله من حديث أم الفضل رضي الله عنها (أن رجلاً من بني عامر بن صعصعه أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتحرم المصةُ الواحدة؟ قال: لا)
القول الثاني: تحرم الثلاث.
حجتهم:
1 - كما في حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم عن النبي ? قال: (لا تحرم المصة ولا المصتان) قال فالثالثة تحرم.
2 - واحتجوا أيضًا بحديث أم الفضل وهو في حديث مسلم أيضًا (أن رجلاً أعربي جاء لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني تزوجت امرأة ثانية فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحُدثي) [وهذا يوحي أن بين المرأتين عشرين، ثلاثين سنة، لدرجة المرأة الأولي قالت له أنها أرضعت امرأته الأولي]، (رضعة أو رضعتين، فقال عليه الصلاة والسلام (لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان) [والإملاجة] أي المصة.
رد العلماء عليهم:
لكن العلماء ردوا على هذا وقالوا أنهم أخذوها بدليل المفهوم، والمفهوم فيه نزاع.
القول الراجح: في المسألة وهو قول أكثر أهل العلم أن الذي يحرم الخمس رضعات.
حجتهم: واحتجوا بحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت (كان مما أُنزِلَ من القرءان عشر رضعاتٍ معلوماتٍ يحرِمن ثم نُسِخنَ بخمس رضعات معلومات يحرمن فمات رسول الله _صلي الله عليه وسلم _وهن مما يُقرأُ من القرءان) بعض الناس يَرِد عليه الآن يقول:خمس رضعات معلومات يحرمن ليس موجود في القرءان، فكيف تقول عائشة فمات رسول الله ? وهن مما يقرأ من القرءان؟
قال العلماء: إن هذا النسخ من العشرة إلى خمسة تأخر نسخه جدًا حتى أن بعض الصحابة لم يعلموا بالنسخ.
و النسخ ثلاثة أنواع عند جماهير أهل العلم، لم يخالف في هذا أحد يعتد به.
النوع الأول:ما نُسِخَ لفظه وحكمه.
النوع الثاني: ما نُسِخَ لفظه وبقي حكمه.
النوع الثالث: ما نُسِخَ حكمه وبقي لفظه. هذا النوع هوالأشهر والأكثر في النسخ،.
الذي يهمنا النوع الثاني: وهو أن ينسخ اللفظ، يرفع اللفظ نفسه الآية نفسها رفعها الله عز وجل وبقي حكمها، كآية الرجم وهي ثابتة في حديث زيد بن ثابت وغيره من الصحابة أنه قال: (إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله الشيخ والشيخة إذا زَنَيا فارجموهم البتة بما قضيا من اللذة نكالاً من الله والله عزيز حكيم).
وفي صحيح البخاري:في أخر خطبة طويلة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله تبارك وتعالي ألا ترغبوا عن أبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن أبائكم).
وفي صحيح مسلم: من حديث أبي موسى الأشعري أنه دعا قراء البصرة فجاءه ثلاثة مائة كلهم يقرأ القرءان فقال: (يا معشر القراء أنتم خيار أهل البصرة أتلوا القرءان ولا تناموا عنه أو تتركوه فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من سبقكم وإنه كان مما نقرأ سورة في الطول والشدة كبراءة، أذكر منها لو كان لابن أدم واديان من مال لابتغي ثالثًا ولا يملأ جوف ابن أدم إلا التراب) وذكر آية أخرى.
فهذا نوع من أنواع النسخ عند جميع علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة متفق عليه بينهم.
الآية ترفع لفظها ويبقي حكمها، فهذا من هذا الجنس (خمس رضعات معلومات يحرمن)، هذه كانت آية في كتاب الله عز وجل ثم رفعها الله عز وجل وبقي حكمها.
إذن الذي عليه أكثر أهل العلم: هو خمس رضعات معلومات يحرمن، هذه عدد الرضعات، هذا الرضاع المحرم العدد.
ماهي الرضعة المحرمة؟
هل لو التقم الولد الثدي ثم أمه مشغولة فوضعته علي السرير ثم ذهبت لتؤدي عملها ورجعت أرضعته مرة ثانية فهذه تكون رضعة أم اثنين؟.
الولد ساعات أمه ترضعه يمص مصتين أو ثلاثة ثم ينام، فتهزه فيقعد يرضع فهذه رضعة أم اثنين؟.
هذا الثدي انتهي اللبن منه وتريد أن تنقله على الثدي الثاني فهذه رضعة أم اثنين؟
فلابد من النظر ما هي الرضعة المحرمة؟
انظر في الحديث (خمس رضعات معلومات يحرمن).
[الرضعة المعلومة:] أي المعروفة المشبعة، الولد يشبع من الرضعة بشرط أن الولد إذا نزع فمه من ثدي أمه، أو أمه وضعته وذهبت لتعمل لا يطول زمان الفصل، أي أن الولد إذا رضع مصة أو مصتين أو ثلاثة، ووضعته أمه وذهبت تعمل بالمطبخ لمدة ساعة أو نصف ساعة وأتت لترضعه ثانية فهذه رضعتين،.
¥