كتابكم المؤرخ 17/ 6 / 1394هـ وصل، وصلكم الله بهداه وما به علم. ونفيدكم أن مدة إحداد المرأة الحامل تنتهي بوضع الحمل؛ لقول الله سبحانه في سورة الطلاق في حق المطلقات: سورة الطلاق الآية 4 وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ الآية، وحكم إحداد المتوفى عنها وهي حامل حكم المطلقة وهي حامل كما نص على ذلك أهل العلم؛ لعموم الآية المذكورة، ولما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفتى سبيعة الأسلمية أن تخرج من إحدادها بوضع حملها؛ لأنها قد خرجت من عدة زوجها المتوفى عنها بوضعها الحمل، وكانت وضعت حملها بعد وفاته بمدة يسيرة. وأسأل الله أن يوفق الجميع للفقه في الدين والثبات عليه. إنه خير مسئول. والسلام عليكم ورحمة الله و بركا ته.
(الجزء رقم: 22، الصفحة رقم: 227)
132 - مسألة في عدة المتوفى عنها زوجها
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ر. م. ج. م. وفقه الله لكل خير آمين صدرت من سماحته برقم 823 بتاريخ 7/ 5 / 1389 هـ عندما كان نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية. .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد وصل إلي كتابكم الكريم المؤرخ 10/ 4 / 1389هـ وصلكم الله بهداه وما تضمنه من السؤال عن الحكم في مسألة المرأة التي توفي زوجها ولم تحاد عليه إلا بعد مضي سنة على وفاته كان معلوما.
والجواب: يلزم المرأة العدة والإحداد بعد وفاة زوجها مباشرة، أربعة أشهر وعشرا إن كانت غير حامل، أما إن كانت حاملا فتلزمها العدة والإحداد إلى وضع الحمل، وإذا لم تعلم وفاة زوجها إلا بعد مضي المدة فليس عليها عدة ولا إحداد؛ ولأن زمنها قد فات، ولا يجوز للمرأة أن تعتبر نفسها في عدة أو إحداد
(الجزء رقم: 22، الصفحة رقم: 228)
بعد مضي المدة. وإذا كانت جاهلة تعلم ويبين لها حكم الشرع؛ لأن أكثر الناس يجهلون أحكام الشرع. نسأل الله أن يمنحنا وإياكم وسائر المسلمين الفقه في دينه والثبات عليه. إنه خير مسئول.
نائب رئيس الجامعة الإسلامية
133 - الإحداد على غير الزوج
س: قول الفقهاء: إن غير الزوجة يباح لها ترك الزينة وأحسن الثياب لمدة ثلاثة أيام، ما صحة هذا القول؟ من ضمن أسئلة موجهة لسماحته من جمعية شقراء. .
ج: هذا صحيح، وقد جاء به الحديث الصحيح وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: رواه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار برقم (26214) والبخاري في الجنائز برقم (1280) ومسلم في الطلاق برقم (1486). لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، متفق على صحته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(الجزء رقم: 22، الصفحة رقم: 229)
134 - حكم الإحداد على الملوك والزعماء
نشر في (مجلة البحوث الإسلامية) العدد التاسع 1404هـ وفي هذا المجموع الجزء الأول ص 411.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد جرت عادة الكثير من الدول الإسلامية في هذا العصر بالأمر بالإحداد على من يموت من الملوك والزعماء لمدة ثلاثة أيام أو أقل أو أكثر، مع تعطيل الدوائر الحكومية وتنكيس الأعلام. ولا شك أن هذا العمل مخالف للشريعة المحمدية، وفيه تشبه بأعداء الإسلام، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنهى عن الإحداد وتحذر منه إلا في حق الزوجة فإنها تحد على زوجها أربعة أشهر وعشرا، كما جاءت الرخصة عنه - صلى الله عليه وسلم - للمرأة خاصة أن تحد على قريبها ثلاثة أيام فأقل، أما ما سوى ذلك من الإحداد فهو ممنوع شرعا، وليس في الشريعة الكاملة ما يجيزه على ملك أو زعيم أو غيرهما، وقد مات في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنه إبراهيم وبناته الثلاث
(الجزء رقم: 22، الصفحة رقم: 230)
وأعيان آخرون، فلم يحد عليهم - عليه الصلاة والسلام - وقتل في زمانه أمراء جيش مؤتة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة - رضي الله عنهم - فلم يحد عليهم، ثم توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أشرف الخلق وأفضل الأنبياء وسيد ولد آدم، والمصيبة بموته أعظم المصائب - ولم يحد عليه الصحابة رضي الله عنهم، ثم مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وهو أفضل الصحابة وأشرف الخلق بعد الأنبياء فلم يحدوا عليه، ثم قتل عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء وبعد أبي بكر الصديق فلم يحدوا عليهم وهكذا مات الصحابة جميعا فلم يحد عليهم التابعون، وهكذا مات أئمة الإسلام وأئمة الهدى من علماء التابعين ومن بعدهم، كسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين زين العابدين، وابنه محمد بن علي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، والإمام أبي حنيفة، وصاحبيه، والإمام مالك بن أنس، والأوزاعي، والثوري، والإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة العلم والهدى، فلم يحد عليهم المسلمون، ولو كان خيرا لكان السلف الصالح إليه أسبق، والخير كله في اتباعهم، والشر كله في مخالفتهم، وقد دلت سنة رسول الله
(الجزء رقم: 22، الصفحة رقم: 231)
- صلى الله عليه وسلم - التي أسلفنا ذكرها على أن ما فعله سلفنا الصالح من ترك الإحداد على غير الأزواج هو الحق والصواب، وأن ما يفعله الناس اليوم من الإحداد على الملوك والزعماء أمر مخالف للشريعة المطهرة، مع ما يترتب عليه من الأضرار الكثيرة وتعطيل المصالح والتشبه بأعداء الإسلام، وبذلك يعلم أن الواجب على قادة المسلمين وأعيانهم ترك هذا الإحداد والسير على نهج سلفنا الصالح من الصحابة ومن سلك سبيلهم، والواجب على أهل العلم تنبيه الناس على ذلك وإعلامهم به؛ أداء لواجب النصيحة وتعاونا على البر والتقوى ولما أوجب الله سبحانه من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللأئمة المسلمين وعامتهم رأيت تحرير هذه الكلمة الموجزة.
وأسأل الله عز وجل أن يوفق قادة المسلمين وعامتهم لكل ما فيه رضاه والتمسك بشريعته والحذر مما خالفها، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، إنه سميع الدعاء قريب الإجابة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه.
¥