يظهر من مذهبهم عدم سقوط الجمعة، ويرون لزومها لكل مكلف حر ذكر مقيم، قال في الدر المختار وحاشيته: فلو اجتمعا - أي الجمعة والعيد لم يلزم إلا صلاة أحدهما، وقيل: الأولى صلاة الجمعة، وقيل: صلاة العيد. . . . .
قلت: قد راجعت التمرتاشي فرأيته حكاه عن مذهب الغير، وبصورة التمريض فتنبه. أهـ.
قال ابن عابدين في الحاشية: قوله: عن مذاهب الغير، أي مذهب غيرنا، أما مذهبنا فلزوم كل منهما.
قال في الهداية ناقلا عن الجامع الصغير: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول سنة، والثاني فريضة، ولا يترك واحد منهما اهـ.
قال في المعراج: احترز به عن قول عطاء: تجزئ صلاة العيد عن الجمعة، ومثله علي وابن الزبير.
قال ابن عبد البر: سقوط الجمعة بالعيد مهجور وعن علي أن ذلك في أهل البادية، ومن لا تجب عليهم الجمعة. اهـ. ([2] ( http://majles.alukah.net/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn2))
ونقل الكاساني في البدائع عن صاحب الجامع الصغير أنه قال في العيدين اجتمعا في يوم واحد فالأول. اهـ. يقرر أن العيد سنة، وصلاة الجمعة فرض، فلا تسقط، وقد روى الطحاوي في المشكل حديث زيد بن أرقم في الترخيص في الجمعة، ثم حمله على الرخصة لمن هم في خارج المصر كأهل العوالي، فإنهم لا جمعة عليهم، واستدل بما أسنده عن علي رضي الله عنه قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر من الأمصار. وذكر أن هذا لا مجال للرأي فيه، فلا بد أن يكون توقيفا، وقاس رجوعهم على إباحة السفر يوم الجمعة.
وقد ظهر من كلام الحنفية أن الجمعة لا تسقط يوم عيد الفطر أو عيد الأضحى؛ لأن العيد سنة، والجمعة فرض واجب الإتيان لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [سورة الجمعة الآية 9]
فالأمر بالسعي إليها لكل من سمع النداء واجب، فلا يسقط في الظاهر يوم العيد كغيره.
و مذهب الظاهرية: يرى ابن حزم عدم سقوط الجمعة حيث قال:
مسألة: وإذا اجتمع عيد في يوم جمعة صلى للعيد ثم للجمعة، ولا بد، ولا يصح أثر بخلاف ذلك؛ لأن في رواته إسرائيل وعبد الحميد بن جعفر، وليسا بالقويين، ولا مؤنة على خصومنا من الاحتجاج بهما إذا وافق ما روياه تقليدهما، وهنا خالفا روايتهما. فأما رواية إسرائيل فإنه روى عن عثمان بن المغيرة، عن إياس بن أبي رملة: سمعت معاوية سأل زيد بن أرقم: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين؟ قال: نعم، صلى العيد أول النهار، ثم رخص في الجمعة.
وروى عبد الحميد بن جعفر: حدثني وهب بن كيسان قال: اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير، فأخر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب فأطال، ثم نزل فصلى ركعتين ولم يصل للناس يومئذ الجمعة، فقال ابن عباس: أصاب السنة. قال أبو محمد: الجمعة فرض والعيد تطوع، والتطوع لا يسقط الفرض (.
و أما مذهب المالكية:
قال الخرشي على قول خليل: لا عرس، ولا عمى، ولا شهود عيد: أي لا حق للزوجة في إقامة زوجها عندها، بحيث يبيح ذلك تخلفه عن الجمعة والجماعة. . . أو عمى: يريد أن العمى لا يكون عذرا يبيح التخلف عن حضور الجمعة، وهذا إذا كان ممن يهتدي إلى الجامع. . . أو شهود عيد: يعني أنه إذا وافق العيد يوم جمعة فلا يباح لمن شهد العيد داخل البلد أو خارجه التخلف عن الجمعة والجماعة، وإن أذن له الإمام في التخلف على المشهور، إذ ليس حقا له (.اهـ.
قال العدوي في الحاشية: بل مراده: كان بيته داخل البلد أو خارجه. قوله: وإن أذن الإمام في التخلف. أي فلم ينفعهم، إذنه لهم في التخلف، ومقابله ما رواه ابن حبيب من أن له أن يأذن، وأنهم ينتفعون، وظاهر الشارح أن الخلاف جار سواء كان في البلد أو خارجه، ثم ذكر أن عبارة مصطفى الجزائري المغربي: أو شهود عيد فطر أو أضحى إذا وافق يومها لا يباح التخلف عنها، ولو أذن الإمام في التخلف، وسواء كان مسكن من شهد العيد داخل المصر أو خارجه، خلافا لأحمد وعطاء في الأول. ولمطرف وابن الماجشون، وابن وهب في الثاني، أي لما في رجوع أهل القرى الخارجة عن المدينة من المشقة، على ما بهم من شغل العيد، وبه يعلم أن الخلاف عندنا إنما هو في الخارج عن المصر أي وكان على ثلاثة أميال أو داخلها
¥