تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف نخدم المذهب المالكي؟]

ـ[أبو يحيى المكناسي]ــــــــ[30 - 06 - 10, 05:50 ص]ـ

كيف نخدم المذهب المالكي؟ (الجزء الأول)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب الهالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ومن تبحهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: مما لا شك فيه أن قوة المذهب المالكي تتجلى في قدرته على الاجتهاد والتجدد، من خلال أصوله وقواعده التي تجعله من أقدر المذاهب على استيعاب التطورات والمستجدات، مع بروزه في تفعيل الحركة المقاصدية المستمدة من النصوص الشرعية.

مما جعله أحد أركان المذاهب السنية المنتشرة بين ربوع العالم الإسلامي، وإذا كان بعض العلماء حاولوا خدمة المذهب المالكي بنشره بشتى الأشكال والدفاع عنه، فإن ذلك لم يمنع من وقوع تقصير في الخدمة الفعلية للمذهب إبان أطوار متتالية من تاريخه مما نتج عنه تراكمات من الإهمال والتقاعس.

لذلك تعالت الصيحات والأراجيف المغرضة أن الفقه المالكي عاري عن الدليل بالكلية، وتناس القوم أن أصول مذهب مالك هي من أصح أصول الإسلام تتسم في نسقها العام بالسعة والمرونة، مما جعلها تضمن للمذهب صلاحيته لاستيعاب التطورات واحتواء المستجدات."المغرب مالكي ... لماذا؟ للدكتور محمد الروكي بتصرف".

والدليل على ذلك انتشاره الواسع ورسوخه في مختلف أسقاع المعمور.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ثُمَّ مَنْ تَدَبَّرَ أُصُولَ الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدَ الشَّرِيعَةِ وَجَد أُصولَ مالكٍ وأهلِ المَدينةِ أَصحَّ الأُصولِ والقواعِدِوَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا حَتَّى إنَّ الشَّافِعِيَّ لَمَّا نَاظَرَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ حِينَ رَجَّحَ مُحَمَّدٌ لِصَاحِبِهِ عَلَى صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: بِالْإِنْصَافِ أَوْ بِالْمُكَابَرَةِ؟ قَالَ لَهُ: بِالْإِنْصَافِ فَقَالَ: نَاشَدْتُك اللَّهَ صَاحِبُنَا أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ أَمْ صَاحِبُكُمْ؟ فَقَالَ: بَلْ صَاحِبُكُمْ فَقَالَ صَاحِبُنَا أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ صَاحِبُكُمْ؟ فَقَالَ: بَلْ صَاحِبُكُمْ فَقَالَ: صَاحِبُنَا أَعْلَمُ بِأَقْوَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْصَاحِبُكُمْ؟ فَقَالَ: بَلْ صَاحِبُكُمْ فَقَالَ: مَا بَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إلَّا الْقِيَاسُ؛ وَنَحْنُ نَقُولُ بِالْقِيَاسِ وَلَكِنْ مَنْ كَانَ بِالْأُصُولِ أَعْلَمَ كَانَ قِيَاسُهُ أَصَحَّ) "مجموع الفتاوى".

وَقَالُوا لِلْإِمَامِ أَحْمَد: (مَنْ أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَالِكٌ أَمْ سُفْيَانُ؟ فَقَالَ: بَلْ مَالِكٌ. فَقِيلَ لَهُ: أَيُّمَا أَعْلَمُ بِآثَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكٌ أَمْ سُفْيَانُ؟ فَقَالَ: بَلْ مَالِكٌ. فَقِيلَ لَهُ: أَيُّمَا أَزْهَدُ مَالِكٌ أَمْ سُفْيَانُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ لَكُمْ) "مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية"

فإذا كانت أصول الإمام مالك رحمه الله بهذه المتانة وصاحبها بهذا القدر، فلا يليق بالكتب التي تحوي مذهبه أن يقل فيها الإستدلال بالنصوص.

والمتصفح في أمهات كتب المالكية الأصيلة يجدها قد أرست معالم الفقه الإسلامي ليس على مستوى المذهب المالكي واستدلاله فحسب، بل مدارس أنمودجية لتعليم الصناعة الاجتهادية، وتلقين الملكة الفقهية للنجباء من طلابه، مما أفرز لنا جيل من الأئمة الكبار كابن القاسم، وابن وهب، وابن أبي زيد القيرواني، و إبن عبد البر، وابن العربي، والباجي، والشاطبي، والقاضي عياض، والقاضي عبد الوهاب، وأضرابهم كثير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير