فالحاصل أن الدف يعتبر من المعازف لدخوله في معناها، وإنما يفرد بالبحث لاختلاف أحكامه عن بقية المعازف، وذلك لورود النصوص الشرعية بذلك.
ـ[فهد الأحمد]ــــــــ[05 - 07 - 10, 01:52 ص]ـ
المطلب الثاني
أقوال العلماء فيها
القول الأول:
تحريم العزف بالمعازف والاستماع إليها والغناء معها.
وهذا القول هو مذهب عامة أهل العلم، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم، في الجملة.
وعند بعض أصحاب المذاهب الأربعة بعض التفصيل أو الاختلاف في بعض الآلات، وفي بعض الأوقات، على النحو التالي: -
المذهب الحنفي:
يرى أصحابه تحريم الآلات الموسيقية واستماعها، واستثنوا من ذلك الطبل في غير اللهو؛ كطبل الغزاة والعرس ونحوهما، ويحرم إذا كان للهو، ويعتبر هذا المذهب من أشد المذاهب في ذلك. (6)
المذهب المالكي:
ذهب المالكية إلى تحريم الاستماع إلى المعازف.
بل نفى أبو العباس القرطبيالخلاف في تحريم ذلك (7)، وقد خالف بعضهم في بعض الآلات فمن ذلك: ذهب البعض إلى جواز الطبول بجميع أنواعها ما لم يكن فيها صراصر، أو ولو كان فيها على خلاف بينهم، في النكاح خاصة، وتحريمها في غير النكاح اتفاقاً.
وفي الكَبَر (8) والمِزهر (9) عندهم ثلاثة أقوال:
أحدها: الجواز فيهما.
الثاني: الكراهة فيهما.
الثالث: الجواز في الكَبَر والكراهة في المزهر.
وأجاز بعضهم العزف على المزمار والبوق في النكاح خاصة، وجوَّزهما بعضهم وقيَّد ذلك باليسير، كما استثنوا طبول الحرب من التحريم.
وفي قول لبعضهم: جواز الآلات الوترية في النكاح خاصة، وهو قول ضعيف، والراجح عندهم حرمتها حتى في النكاح. (10)
المذهب الشافعي:
الشافعية يحرمون المعازف بجميع أنواعها في الجملة، وعندهم خلاف في اليراع (الشَّبَّابة) (11)، والراجح عند جمهورهم التحريم، ورجَّحه النووي، وكذلك الطبول عندهم فيها خلاف، فمنهم من يقول بالتحريم مطلقاً عدا الدفوف، وهم العراقيون، قال في أسنى المطالب: " والموجود لأئمة المذهب هو التحريم فيما عدا الدف "، ومنهم من يقول بالجواز إلا في الكوبة، ومنهم من يقول بالجواز إلا في الكوبة وطبل اللهو، كما أنهم يستثنون طبول الحرب والعيد من التحريم.
واستثنى بعضهم من المزامير النفير (وهو البوق) للحاج (12).
المذهب الحنبلي:
يرى الحنابلة تحريم آلات الطرب والموسيقى استماعاً واستعمالاً، ولهم في تحريم القضيب (13) وجهان، وجزم ابن عبدوس– في تذكرته – بالتحريم، وصوَّبه في تصحيح الفروع، وهو المذهب، وكره الإمام أحمد الطبل لغير الحرب ونحوه، واستحبه ابن عقيل في الحرب (14).
وبعد استعراض المذاهب الأربعة وأقوال أصحابها في حكم الاستماع إلى المعازف والموسيقى، فإنه يتضح أن المذاهب الأربعة تحرم ذلك، وما استثني هو في الحقيقة شيء يسير، وهي آراء لبعض أفراد المذاهب الأربعة، وجلُّها مقيَّدة بأن لا تكون للهو - كطبل الحرب -، مع أن الراجح عندهم – في الأكثر - التحريم، كما أن استثناء هذه الآلات من التحريم، هو في الغالب من المتأخرين لا المتقدمين من أصحاب المذاهب الأربعة.
وأما الأئمة الأربعة فيرون تحريم المعازف (15)، بلا نزاع بينهم في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله تعالى - في رده على ابن المطهر الرافضي، لما نسب إلى أهل السنة إباحة الغناء والملاهي قال: " هذا من الكذب على الأئمة الأربعة فإنهم متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو، كالعود ونحوه، والمقصود هنا أن آلات اللهو محرمة عند الأئمة الأربعة، ولم يُحْكَ عنهم نزاع في ذلك، إلا أن المتأخرين من الخراسانيين من أصحاب الشافعي، ذكروا في النزاع وجهين والصحيح التحريم، وأما العراقيون وقدماء الخراسانيين فلم يذكروا في ذلك نزاعاً " (16).
وقد نفى الخلاف في تحريم المعازف غير واحد من أهل العلم، منهم:
سُليم الرازي، وأبو العباس القرطبي، وابن عبد البروغيرهم (17).
القول الثاني:
إباحة الاستماع إلى المعازف بجميع أنواعها.
قال به ابن حزم الظاهري، وابن طاهر (18).
وقد ذكر الشوكانيعدداً ممن نُسب إليهم سماع ذلك من الصحابة والتابعين وغيرهم (19) ويأتي مناقشة ذلك.
المطلب الثالث
الأدلة ومناقشتها مع الترجيح
أدلة القول الأول (التحريم):
¥