تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تحرير مسألة استعمال الكحول في العطورات (الإسبرتو)]

ـ[سلطان العميرة]ــــــــ[17 - 07 - 10, 06:38 م]ـ

بعض الأحكام المتعلقة بالكحول؟

المبحث الأول: المراد بالكحول.

عرِّف الطب الكحول بأنه: سائل طيار ليس له لون، وله طعم لاذع، وذو رائحة معروفة؛ ويستعمل في الصناعات كحافظ لبعض المواد، وكمادة منشفة للرطوبة وكمذيب لبعض المواد القلوية والدهنية، ومقاوم للتجمد. ويستخدم في الطب كمطهر للجلد ومذيب لبعض الأدوية التي لا تذوب إلا في الكحول؛ ويستخدم بكثرة كمذيب للمواد العطرية، والكولونيا،

والروائح.

المبحث الثاني: أنواع الكحول

هناك نوعان للكحول:

أ - الكحول الإثيلي: وهو المعروف باسم (السبرتو) ويستعمل في تحضير الأدوية، وفي المسكرات.

ب - الكحول الميثيلي: وهو مادة سامة تستخدم في تركيب السموم، والمبيدات.

فالإثيلي هو المستعمل في المشروبات المسكرة، أما المثيلي فلا يستعمل في الشراب لأنه سامٌّ قاتل.

المبحث الثاني: أشكال اختلاط الكحول وتركيبة مع المواد الأخرى.

إن معرفة الحال التي تكون عليه المواد التي تخلط أو تمزج مع الكحول , يوصل إلى القدرة على الحكم عليها.

ولذا فإن نوعي الكحول المذكورين , الإثيلي, و المثيلي , يختلفان في الامتزاج وكلاهما مستعملان في الأطعمة والأشربة و الصناعات الدوائية.

أولا:الكحول الإثيلي

يُستعمل كمذيبٍ فحسب، أو كمُضاف إلى بعض المواد، وهذا الاستعمال لا يُفقد الكحول ماهيته ولا خصائصه، وإنما يظل على حاله من التركيب ومن الإسكار، ومن الأمثلة عليه الكالونيا.

ثانيا:الكحول المثيلي

يتحوَّل الكحول الميثيلي عن ماهيته عند خلطه، ويفقد خاصِّيته في الإسكار، ويتشكل منه ومن المواد الأخرى مادة جديدة لها مواصفات غير مواصفات الكحول.

المبحث الثالث: حكم استعمال الكحول.

الكحول تلحق بالخمر في حكمها لأنها مسكرة , ولأن الأغوال (الكحول) هي المادة الأساس التي تتركب منها المسكرات , وعليه فلا يجوز شرب الكحول.

لكن قد تخلط الكحول مع مواد مختلفة كالأدوية أو بعض الأطعمة , أو مع الروائح العطرية , فما حكم هذه المواد وهل يجوز استعمالها؟

وقبل بيان حكم استعمال الكحول لابد من معرفة هل الخمر نجسة أم أنها غير نجسة؟

الجمهور على القول بأن نجاسة الخمر حسية , ونقل ابن رشد الاتفاق فيه , ولم يخالف إلا ربيعة.

أولا: استعمال الكحول مع الأدوية.

اتفق جمهور الفقهاء على حرمة التداوي بالخمر الصرفة، ودليلهم الأحاديث الصحيحة التي تنهى عن التداوي بالخمر , كما في قصة الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم , يا رسول الله، إن لنا أعنابا نعتصرها، فذكر الخمر فنهاه فقال: إنها دواء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل هي داء»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ". رواه البخاري في الصحيح. ولقوله: "إن الله أنزل الداء وجعل لكل داء دواء فتداووا، ولا تتداووا بحرام". رواه أبو داود في السنن. النوع الثاني من استعمال الخمر في التداوي , استعمال الخمر مخلوطا بغيره , فهذا النوع يجوز استعماله جاء في قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي: " استعمال الأدوية المشتملة على الكحول بنسب مستهلكة تقتضيها الصناعة الدوائية التي لا بديل عنها، بشرط أن يصفها طبيب عدل، كما يجوز استعمال الكحول مطهرا خارجيا للجروح، وقاتلا للجراثيم، وفي الكريمات والدهون الخارجية."

ثانيا: استعمال الخمر في الأغذية

توجد نسبة من الكحول في مواد غذائية كثيرة, فتوجد في الخميرة التي توضع في الخبز، و أيضا توجد في بعض المشروبات الغازية، مثل البيبسي والكولا، وكذلك الحال في كثير من المعلبات.

فما الحكم في ذلك كله؟

هذا يقودنا إلى معرفة الحكم الشرعي في الخمر إذا استهلكت في مائع، بحيث لو أكثر الإنسان من شرب هذا المائع لم يسكر، فما حكم ذلك؟ وهذا ما يسميه بعض العلماء المعاصرين، بنظرية الاستهلاك، ومعناها: اختلاط العين لغيرها على وجه يفوت الصفات الموجودة فيها والخصائص المقصودة منها بحيث تصير كالهالكة وإن كانت باقية.

ومن أحسن من تكلم عنها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وقرر بأن العين الخبيثة إذا استُهلِكت فإنها لا يكون لها حكم.

فقال رحمه الله: " أن الخمر إذا استهلكت في المائع لم يكن الشارب لها شاربا للخمر، والخمرة إذا استحالت بنفسها وصارت خلا، كانت طاهرة باتفاق العلماء، وهذا على أصل من يقول إن النجاسة إذا استحالت طهرت أقوى كما هو مذهب أبي حنيفة، وأهل الظاهر، وأحد القولين في مذهب مالك، وأحمد، فإن انقلاب النجاسة ملحا، ورمادا، ونحو ذلك: هو كانقلابها ماء، فلا فرق بين أن تستحيل رمادا، أو ملحا، أو ترابا، أو ماء، أو هواء، ونحو ذلك، والله تعالى قد أباح لنا الطيبات، وهذه الأدهان، والألبان، والأشربة: الحلوة، والحامضة، وغيرها من الطيبات، والخبيثة، قد استهلكت، واستحالت فيها، فكيف يحرم الطيب الذي أباحه الله تعالى؟ "

وبهذا التقرير يتبين أن هذه الكحول إذا كانت مستهلكة في الغذاء أو الدواء بحيث إن الإنسان لو أكثر منها لم يسكر، فإنها حينئذ لا يكون لها أثر، ويكون استخدام ذلك الغذاء والدواء مباحا ولا بأس به ولا يتحرج الإنسان منه البتة.

ثالثا: استعمال الكحول في العطورات.

الكحول المستخدم في العطورات يكون من النوع الأول الذي ذكر آنفا , وهو الكحول الإيثيلي (الإسبرتو) , وهو كما ذكر المختصون أنها لا يفقد خواصه فيبقى على حالته من الإسكار , وتكون نسبته عالية , ولذلك فعلى القول بنجاسة الخمر فإنه لا يجوز للإنسان استعمال العطور الفرنسية المتداولة , وبذلك أفتى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز , ومن ذهب إلى طهارة الخمر أباح استعمال هذه العطور , وعلى القول بطهارتها ذهب بعض المعاصريين إلى جواز استعمال العطورات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير