تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مِنأَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي آلَاتِ اللَّهْوِ نِزَاعًا. إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ فِي الْيَرَاعِ وَجْهَيْنِ بِخِلَافِ الْأَوْتَارِ وَنَحْوِهَا؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا نِزَاعًا. وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّونَ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ بِمَذْهَبِهِ وَأَتْبَعُ لَهُ فَلَمْ يَذْكُرُوا نِزَاعًا لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا بَلْ صَنَّفَ أَفْضَلُهُمْ فِي وَقْتِهِ أَبُو الطَّيِّبِ الطبري شَيْخُ أَبِي إسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفًا مَعْرُوفًا. وَلَكِنْ تَكَلَّمُوا فِي الْغَنَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ آلَاتِ اللَّهْوِ: هَلْ هُوَ حَرَامٌ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ مُبَاحٌ؟ وَذَكَرَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرُوا عَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا.).

فمن أباح الغناء بالموسيقى، لم يأت بدليل واحد ثابت صريح في المسألة بل كل أدلتهم إما تضعيف لأدلة العلماء في غير محله، وإما شبهات تورد على أدلة ثابتة لكن لا تدل على اباحة الموسيقى.

فائدة:

أن الفهم الصحيح لمعنى الاستحلال الوارد في حديث أبي مالك الأشعري - _ - أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: ( .. إنما ذاك إذا استحلوا هذه المحرمات بالتأويلات الفاسدة؛ فإنهم لو استحلوها مع اعتقاد أن الرسول حرمها كانوا كفاراً ولم يكونوا من أمته.

ولو كانوا معترفين بأنها حرام لأوشك ألاّ يعاقبوا بالمسخ كسائر الذين لم يزالوا يفعلون هذه المعاصي ولما قيل فيهم: يستحلون فإن الْمُسْتَحِلَّ للشيء هو الذي يأخذه معتقداً حِلَّهُ.

فيشبه أن يكون استحلالهم الخمر يعني به أنهم يسمونها بغير اسمها كما جاء الحديث فيشربون الأنبذة المحرمة ولا يسمونها خمراً.

واستحلالهم المعازف باعتقادهم أن آلات اللهو مجرد سمع صوت فيه لذة وهذا لا يحرم كألحان الطيور.

واستحلال الحرير وسائر أنواعه باعتقادهم أنه حلال للمقاتلة وقد سمعوا أنه يباح لبسه عند القتال عند كثير من العلماء.

فقاسوا سائر أحوالهم على تلك الحال.

وهذه التأويلات الثلاثة واقعة في الطوائف الثلاثة التي قال فيها ابن المبارك رحمه الله -تعالى-:

وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها

ومعلوم أنها لا تغني عن أصحابها من الله شيئاً بعد أن بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم وبين تحريم هذه الأشياء بياناً قاطعاً للعذر كما هو معروف في موضعه.

ثم رأيت هذا المعنى قد جاء في هذا الحديث الذي رواه أبو داود أيضًا وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن غَنْم عن أبي مالك الأشعري - _ - قال: قال رسول الله - ‘-: " ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"

هذا لفظ ابن ماجه وإسنادهما واحد) أ. هـ (" بيان الدليل على بطلان التحليل " ص 79 – 80 و ص 47 – 48، و: " الفتاوى الكبرى " (6/ 29 – 30)، وهو في " شفاء العليل

في اختصار إبطال التحليل " للبعلي ص 36 – 37.).

فائدة:

وقال الشيخ عبدالفتاح أبو غدة ـ رحمه الله ـ في تحقيقه لرسالة المسترشدين ص 121: " وفي هذا الحديث بَيَّنَ النبي r أنَّ بين هذه الفواحش ترابطاً قوياً 0 إذ1 كلّ واحد منها تستدعي الأخرى، فالزنى يستدعي استحلال التزين بالحرير، وهو حرام على الرجال 0 كما يستدعي استحلال شرب الخمر، واستحلال عزف آلت اللهو، ليُزادَ بذلك عرُام الفساد في ذلك في نفوس أهله، وليؤجِّجَ ليَهيبه إذا فتر فيها انسأل الله السلامة والعافية "0

ملحوظة هامة: عن القيود التي وضعها القرضاوي:

إن كل هذه القيود والضوابط التي وضعها الدكتور القرضاوي لا يُعمل بها عند أي إنسان يسمع للغناء المصاحب للموسيقى لقوة تأثيرها على النفس، فتجعل الإنسان يخالف هذه القيود والضوابط ويسمع الغناء الماجن المرافق للموسيقى بحجة أن الموسيقى حلال، ويظهر بعد ذلك تهافت هذه الضوابط وسذاجتها، ومن الاستحالة تطبيقها في أرض الواقع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير