تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في قصة الغرانيق، وقد صنف الشيخ الألباني وغيره في بطلانها، ولعل الأقرب ثبوت أصل القصة، وظاهر الآيات تدل عليها دلالة قوية قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

فتأمل هذه الآيات الكريمات تجد أن معناها واضح جدا، وهي أن الله سبحانه وتعالى يخبر أنه ما من رسول أرسله إلا إذا تمنى (يعنى تلى الكتاب) ألقى الشيطان في قراءته كلاما باطلا -والشيطان إذا أعطي فرصة مثل هذه فماذا عسى أن يقول فيها فلابد أن يتكلم بالشرك بالله -ثم بعد أن يتكلم الشيطان ينسخ الله ما ألقاه الشيطان من كلام ويحكم آياته، وبين الله سبب ذلك أنه فتنة فقال (ليجعل مايلقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم) فهذا يدل على أنه تكلم وألقى شيئا يفتن به هؤلاء

وإذا نفينا هذا المعنى الظاهر من الآية يكون تفسيرها بشيء من التعسف الذي لاداعي له

وأما من ناحية الصحة فقد جاءت من مراسيل متعددة صحيحة

ويعجبني كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى حيث قال في الفتح (8/ 439) (وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر وهو قوله ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره لأنه يستحيل عليه صلى الله عليه وسلم أن يزيد في القرآن عمدا ما ليس منه وكذا سهوا إذا كان مغايرا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته).

وكذلك ابن تيمية رحمه الله له كلام جيد حول هذه المسألة

قال كما في مجموع الفتاوى (10/ 290)

فإن النبى هو المنبأ عن الله و الرسول هو الذى أرسله الله تعالى وكل رسول نبى وليس كل نبى رسولا والعصمة فيما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر فى ذلك خطأ باتفاق المسلمين

ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقى الشيطان ويحكم الله آياته؟

هذا فيه قولان

والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من الزيادة فى سورة النجم بقوله تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى وقالوا إن هذا لم يثبت ومن علم أنه ثبت قال هذا القاه الشيطان فى مسامعهم ولم يلفظ به الرسول

ولكن السؤال وارد على هذا التقدير أيضا

وقالوا فى قوله (إلا اذا تمنى القى الشيطان فى أمنيته) هو حديث النفس!!

وأما الذين قرروا ما نقل عن السلف فقالوا هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه والقرآن يدل عليه بقوله (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى امنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة للذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهادى الذين امنوا إلى صراط مستقيم)

فقالوا الاثار فى تفسير هذة الاية معروفة ثابتة فى كتب التفسير والحديث والقرآن فإن نسخ الله لما يلقى الشيطان وأحكامه آياته إنما يكون لرفع ما وقع فى آياته وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط آياته بغيرها وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم إنما يكون اذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا فى النفس. انتهى.

وقال البخاري في صحيحه في تفسير سورة الحج (8/ 438 فتح) (وقال ابن عباس في (إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه، فيبطل ما يلقى الشيطان ويحكم آياته، ويقال (أمنيته) قراءته (إلا أماني) يقرئون ولايكتبون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير