ومما يُلاحظ ويُلمس في كثير من المجتمعات الإسلامية أنه أول ما يظهر عند أحد الزوجين يسعون إلى طلب الطلاق, ويبدأ إلحاح الأهل والأقارب, ونسوا أن الله تعالى هو الذي يأتي بهذا الأمر وهو الذي يمنعه, وأنه إذا أعطى أعطى لحكمة وإذا منعه منعه لحكمة, ولقد اختار الله تعالى للأبوين المؤمنين في سورة الكهف أن يبقيا بدون ولد وأن يفقداه بعد وجوده, فقال تعالى معللاً ذلك: {فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفْراً}. فلا داعي لأن يقوم الزوج إلى التَّطليق لمجرد أن يظهر عقم زوجته ذلك أنَّ هذا الأمر له أثر كبير على حال المرأة, وكم يتألم القلب حينما يسمع مثل هذه الأمر وكأنَّ فاعل ذلك نسي البرَّ والمودة والحب لأمر كتبها الله عليهما, وليس لها ولا له فيه سبب, ولو أنَّ الإنسان احتسب في ذلك وصبر لأعقبه الله تعالى عنه خيراً. وهناك حلول ومخارج كثيرة بإذن الله تعالى.
ثالثاً: الحلول:
1 - الدعاء والاستغفار والتماس أوقات الإجابة, وقد حكى الله تعالى عن نبيه زكريا عليه السلام دعائه: {ربِّ إنِّي وهن العَظْم منِّي, واشتعل الرأس شيْباً, ولم أكن بدعائك ربِّ شقياً} أي ربَّ إني لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني فيما بقي فكما لم أشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من نفسك.
وقال الشاعر:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه وتنسى ما فعل الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن لها أمد وللأمد انقضاء
2 - التَّعدد لالتماس الذُّرية, وقد أباحه الله تعالى في كتابه, ولا جرم في ذلك, ويحرص على العدل بينهن, ويستحسن له بسط الأسباب لزوجته الأولى، وإشعارها بأنه لن يتخلى عنها ولن يقصر في حقها، وأنَّ ما فعله أمرٌ مشروع.
ويتنبه إلى مسألة: عدم الاستعجال في طلاق الأولى خاصة مع ضغط الأقارب، فربما كانت الزوجة الثانية مفتاح للإنجاب، وغالباً يكون الإنجاب للأولى والثانية، وهذا مجربٌ.
3 - طلب العلاج النافع والكشف الطبي لدى المتخصصين، فربما كان السبب شيئاً بسيطاً، وبعد علاج يسير يبدأ الإنجاب بإذن الله تعالى. ومن العلاج النافع أيضاً الرقية الشرعية بقراءة القرآن واستعمال الأدوية النَّبوية المذكورة في الطَّب النَّبوي.
ويتنبه في هذا إلى أن بعض الناس يُلجئه طلب الأولاد إلى الذهاب إلى السحرة والكهان, وهذا قد انتشر في بعض الأوساط, وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد"، وفي رواية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً فصدقه بما يقول لم يقبل له صلاة أربعين يوماً" (12) وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله الذي يقول: كما قال زكريا على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {ربِّ هبْ لي منْ لدنْك طيِّبة} [آل عمران: 38].
الهوامش:
(1) رواه سعيد بن منصور في "السنن" (2021) , وعبد الرزاق في "المصنف" (10346) , وفيه إنقطاع.
(2) انظر المغني (10/ 59).
(3) انظر مثلاً الفتوى (ص-ف 148 في 24 - 3 - 1375هـ) , (ص-ق 479 في 13 - 11 - 1378هـ) من فتاوى ورسائل الشَّيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله.
(4) فقه السنة 2/ 61.
(5) اللقاء الشهري (50/ 15)
(6) انظر الفتوى رقم (8483) من موقع الشَّيخ رحمه الله تعالى
(7) المغني (10/ 59).
(8) (الأم (6/ 111 - 112) ط. دار الوفاء.
(9) مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية (4/ 1887 - 1888).
(10) المغني (10/ 59 - 60).
(11) انظر فتاوى الأزهر (10/ 89).
(12) رواه أحمد (9536) , و (16638) وابن ماجه (639) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (5939).
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[15 - 08 - 10, 06:42 م]ـ
جزاك الله خير ونفع الله بك، على هذا البحث القيم
ـ[أبو مالك السعيد العيسوي]ــــــــ[16 - 08 - 10, 12:30 م]ـ
وجزاك مثله, وأجزل لك المثوبة.