2 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها" (رواه الترمذي في سننه في (أبواب الرضاع)، الباب رقم (18) برقم (1183)، وقال: "حديث حسن صحيح غريب" ج2/ص319. وقال كل من الهيثمي والمنذري: رواه الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن عمر، ورجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد ج4/ ص314، والترغيب والترهيب ج1/ ص304.)
قال الطيبي: "والمعنى المتبادر أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس، فإذا خرجت طمع وأطمع، لأنها حبائله وأعظم فخوخه"، (المناوي فيض القدير ج6/ ص266، ط دار المعرفة، بيروت – لبنان.).
وقال المنذري: فيستشرفها الشيطان "أي ينتصب ويرفع بصره إليها ويَهمُّ بها، لأنها قد تعاطت سبباً من أسباب تسلطه عليها، وهو خروجها من بيتها". (الترغيب والترهيب ج1/ ص 306.)
3 - وما روي عن بريدة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: " ياعلي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة". (رواه الإمام أحمد في المسند ج5/ ص353، 357. ورواه أبو داود في سننه في كتاب (النكاح)، باب (ما يؤمر به من غض البصر) ج2/ ص246، الحديث رقم (2149). ورواه الترمذي في سننه في (أبواب الاستئذان والآداب)، باب (ما جاء في نظرة الفجاءة) ج4/ ص191، الحديث رقم (2927)، وقال: هذا حديث حسن غريب". ورواه الحاكم في المستدرك، وقال: "حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ج2/ ص212.) قال العيني في عمدة القاري (29/ 295):"ومعنى لا تتبع النظرة النظرة أي لا تجعل نظرتك إلى الأجنبية تابعة لنظرتك الأولى التي تقع بغتة وليست لك النظرة الآخرة لأنها تكون عن قصد واختيار فتأثم بها أو تعاقب وبما رواه مسلم من حديث جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري قالوا فلما كانت النظرة الثانية حراما لأنها عن اختيار خولف بين حكمها وحكم ما قبلها إذا كانت بغير اختيار دل ذلك على أنه ليس لأحد أن ينظر إلى وجه امرأة إلا أن يكون بينها وبينه من النكاح أو الحرمة ".
ومن أقوال المفسرين عن هذه القضية:
قال تعالى (وإذا سَأَلْتُمُوهُنَ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاءِ حِجَابٍ، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)
والمقصود بالحجاب هنا حجب شخصها، فلا يكون هناك اختلاط، بل يكون من وراء حاجز ومانع، فإن احتاجت للبروز حجبت بدنها كله باللباس، وعلل سبحانه هذا الأمر بأنه أطهر لقلوبكم وقلوبهن0
قال الواحدي في الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/ 872): (كانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال فلما نزلت هذه الآية ضرب عليهن الحجاب فكانت هذه آية الحجاب بينهن وبين الرجال \"ذلكم\" أي الحجاب \"أطهر لقلوبكم وقلوبهن\" فإن كل واحد من الرجل والمرأة إذا لم ير الآخر لم يقع في قلبه) 0
وقال ابن العربي في أحكام القرآن (3/ 616): (وهذا يدل على أن الله أذن في مساءلتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتى فيها والمرأة كلها عورة بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة كالشهادة عيها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعن ويعرض عندها) 0
وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (4/ 227): (في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها كما تقدم فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها).
قال الجصاص في أحكام القرآن (5/ 242) (قوله تعالى: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب قد تضمن حظر رؤية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبين به أن ذلك أطهر لقلوبهم وقلوبهن لأن نظر بعضهم إلى بعض ربما حدث عنه الميل والشهوة فقطع الله بالحجاب الذي أوجبه هذا السبب، وهذا الحكم وإن نزل خاصاً في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه فالمعنى عام فيه وفي غيره إذ كنا مأمورين بإتباعه والإقتداء به إلا ما خصه الله به دون أمته) 0
¥