قلت: ويؤخذ من هذا زيارة الرجال للمرأة الكبيرة إذا لم يكن هناك خلوة ولا تهمة، ويؤخذ من قوله اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك يؤخذ من هذا مراعاة أخف الضررين فإن اعتدادها عند أم شريك يعرضها لأنظار الرجال وهي امرأة جميلة وفي مقتبل عمرها ولا يمكنها الاحتياط إلا بمشقة عظيمة فلذلك عدل - صلى الله عليه وسلم - عن أمرها بالاعتداد في بيت أم شريك إلى الاعتداد في بيت ابن أم مكتوم مراعاة لأخف الضررين وأدنى المشقتين.
وعليه فلا أعلم كيف تجرأ الدكتور واستدل بهذا الحديث على جواز الاختلاط مطلقا!!!، بل إن هذا الحديث حجة للمحرمين بدليل أمر النبي عليه الصلاة والسلام لفاطمة بأن تعتد عند ابن أم مكتوم دون بيت أم شريك لكثرة الضيفان وام شريك امرأة من القواعد من النساء. فهذا أبعد عن الاختلاط ومساوئه.
الدليل التاسع:وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد.
قلت (القائل هو الدكتور): أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وإسناده صحيح، وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة.
الرد على هذا الدليل:
قلت: قال بعضهم:لا أعلم من اين له جواز الاختلاط في هذا الحديث فليس في الحديث دلالة على الخلوة أو النظر أو المس، فربما يوضع إناء خاص للوضوء في مكان عام فتتوضأ منه المرأة والرجل من دون خلوة أو مسيس، وهذا بين لمن عرف طبيعة حياتهم، وحال عيشهم في ذلك الزمان، وكما قلنا الدليل إن تطرق اليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
قال ابن حجر في فتح الباري (1/ 373):"ومعنى تختلف أنه كان يغترف تارة قبلها، وتغترف هي تارة قبله".
وقال العيني في شرح سنن أبي داود (1/ 225):" اختلفت يدي ويدُ رسول الله " بمعنى: أنها كانت تغرف هي مرة ورسول اللّه مرة".
وقال مغلطاي في سنن شرح ابن ماجه (1/ 217):"واعترض بعضهم على صحة هذا الحديث بكونه عليه السلام لم يمس امرأة لا تحل له، قال: وخولة هذه لم يأت في خبر صحيح ولا غيره أنها كانت بهذه الصفة، وفي الذي قاله نظر، وذلك من قولها، تختلف؛ لأن الاختلاف لا يوجب مسًا ".
قلت: وقد ذكر صاحب (عون المعبود) أن في بعض النسخ: عن أم صبية عن عائشة. وعلى هذا فتكون عائشة هي التي حصل منها هذا الذي جاء في هذا الحديث من جهة الاغتراف والوضوء من إناء واحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصاحبة القصة الحقيقية هي عائشة رضي الله عنها.
الدليل العاشر:ويشهد لذلك ما رواه ابن عمر قال: (كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا).
قلت (القائل هو الدكتور): أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط عموما، وأنه ليس من خصوصياته عليه السلام.
الرد على هذا الدليل:
قال العيني في شرح سنن أبي داود (1/ 227):"ويستفاد من هذا الحديث جواز توضئ الرجال والنساء واغتسالهم من إناء واحد، ولكن المراد من هذا توضؤُ النساء واغتسالهن مع أزواجهن لأن " الألف واللام " في قوله: " والنساء " بدل من المضاف إليه، والتقدير: نتوضأ نحن ونساؤنا، يعني: أزواجنا، وذلك لأن الأجنبية لا يجوز لها أن تغتسل مع الرجل من إناء واحد؛ لأن الاختلاء بها حرام والاغتسال لا يكون إلا في الخلوة، لاحتياج الإنسان إلى كشف البدن ".
قلت: فهذا فهم العلماء وليس فهم المتعالمين!!!!!!
الدليل الحادي عشر:وفي رواية بلفظ: (أنه ــ أي ابن عمر ــ أبصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون والنساء معهم، الرجال والنساء من إناء واحد، كلهم يتطهر منه).
قلت (القائل هو الدكتور): أخرجها ابن خزيمة، وإسنادها صحيح.
الرد على هذا الدليل:
قلت: يقال فيها ما قيل في الرد على الدليل السابق.
الدليل الثاني عشر:وفي رواية بلفظ: (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا).
¥