قلت (القائل الدكتور): أخرجها أبو داود، وإسنادها صحيح، والمعنى في هذه الألفاظ واحد، وكلها تفيد جواز الاختلاط عموما، وقد وجهه البعض بأن القصد هو وضوء الرجل وزوجه فقط، وهو توجيه باطل، يرده منطوق تلك الروايات التي تقطع بجواز الاختلاط عموما.
الرد على هذا الدليل:
قال ابن حجر في فتح الباري (1/ 299): "والأولى في الجواب أن يقال: لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب , وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم "، وأما كونه توجيه باطل، فهذا باطل عنده وحده، لأن هذا هو الأليق بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
الدليل الثالث عشر:وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
قلت (القائل الدكتور): أخرجه البخاري، وفيه جواز خروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم، ورد الجرحى والقتلى.
الرد على هذا الدليل:
قلت:ولا إشكال في ذلك، قال ابن حجر في فتح الباري (6/ 80): "وفيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة. قال ابن بطال: ويختص ذلك بذوات المحارم ثم بالمتجالات منهن لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه بل يقشعر منه الجلد، فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة ولا مس، ويدل على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم كالزهري وفي قول الأكثر تيمم. وقال الأوزاعي: تدفن كما هي. قال ابن المنير: الفرق بين حال المداواة وتغسيل الميت أن الغسل عبادة والمداواة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات ".
وقال الامام البغوي في شرح السنة (11/ 13):" في الحديث دليل على جواز الخروج بالنساء في الغزو لنوع من الرفق والخدمة، فإن خاف عليهن لكثرة العدو وقوتهم، أو خاف فتنتهن لجمالهن، وحداثة أسنانهن، فلا يخرج بهن ".
فلا أعلم ما وجه الدلالة من الحديث على جواز الاختلاط!!!.
الدليل الرابع عشر:وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: «فهلا آذنتموني»، فأتى قبرها، فصلى عليها.
قلت أي الدكتور: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه مشروعية عمل المرأة في المسجد ونحوه.
الرد على هذا الدليل:
قلت: وهل يلزم من عملها أن تخالط الرجال؟؟!! والواقع يرد هذا، فعمال النظافة في المساجد لا يقومون بأعمال التنظيف الا بعد خروج المصلين من المساجد، وثم قد تكون هي من الاماء وفرق بين الاماء والحرائر!!، وعلى كل حال الدليل إن تطرق اليه الاحتمال بطل به الاستدلال، كيف وقد تطرق اليه عدة احتمالات!!!.
الدليل الخامس عشر:وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها فقال: (والله إنكن لأحب الناس إلي).
قلت أي الدكتور: أخرجه البخاري ومسلم، وقوله: (لأحب الناس إلي) يعني بذلك الأنصار، وقد بوب عليه البخاري ــ رحمه الله ــ بقوله: «باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس»، قال الحافظ ابن حجر: أي لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به، كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس. وأخذ المصنف قوله في الترجمة «عند الناس» من قوله في بعض طرق الحديث «فخلا بها في بعض الطرق أو في بعض السكك» وهي الطرق المسلوكة التي لا تنفك عن مرور الناس غالبا.
وفيه جواز الاختلاط، وجواز الخلوة بالمرأة عند الناس، وكل خلوة تنتفي فيها التهمة لا يتحقق فيها النهي على الصحيح، وإنما المحرم منها ما تحققت فيه التهمة فقط.
الرد على هذا الدليل:
قلت: قال ابن حجر في فتح الباري (9/ 333):" قَالَ المهلبُ: لم يرد أنسٌ أنه خَلا بها بحيثُ غَابَ عَنْ أبصار من كان معه، وإنما خلا بها بحيث لا يسمع من حضر شكواها، ولا ما دار بينهما من الكلام، ولهذا سمع أنس آخر الكلام فنقله ولم ينقل ما دار بينهما لأنه لم يسمعه".
¥