ثم رأيت في " المستدرك " (2/ 486) من طريق إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن ابن عجلان عن أبيه عن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. " أن أبا حذيفة بن عتبة رضي الله عنه أتى بها و بهند بنت عتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه، فقالت: أخذ علينا، فشرط علينا، قالت: قلت له: يا ابن عم هل علمت في قومك من هذه العاهات أو الهنات شيئا؟ قال أبو حذيفة: إيها فبايعنه، فإن بهذا يبايع، و هكذا يشترط. فقالت: هند: لا أبايعك على السرقة إني أسرق من مال زوجي فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده و كفت يدها حتى أرسل إلى أبي سفيان، فتحلل لها منه، فقال أبو سفيان: أما الرطب فنعم و أما اليابس فلا و لا نعمة! قالت: فبايعناه ثم قالت فاطمة: ما كانت قبة أبغض إلي من قبتك و لا أحب أن يبيحها الله و ما فيها و و الله ما من قبة أحب إلي أن يعمرها الله يبارك و فيها من قبتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. و أيضا و الله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده و والده ". قال الحاكم: " صحيح الإسناد ". و وافقه الذهبي.
قلت الألباني: و إسناده حسن و في محمد بن عجلان و إسماعيل بن أبي أويس كلام لا يضر إن شاء الله تعالى. و هذا الحديث يؤيد أن المبايعة كانت تقع بينه صلى الله عليه وسلم و بين النساء بمد الأيدي كما تقدم عن الحافظ لا بالمصافحة، إذ لو وقعت لذكرها الراوي كما هو ظاهر. فلا اختلاف بينه أيضا و بين حديث الباب و الحديث الآتي " كان لا يصافح النساء في البيعة ".
قال الدكتور أحمد: واحتجوا بحديث أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء المسلمين للبيعة فقالت له أسماء ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لست أصافح النساء ولكن آخذ عليهن).
قلت أي الدكتور: أخرجه الحميدي والطبراني في الكبير وإسناده ضعيف في سنده شهر بن حوشب وهو ضعيف.
مناقشته:
قلت: قوله: "إني لستُ أُصافحُ النِّساء" صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شَهْرِ بنِ حَوْشب. عبدُ الحميد: هو ابنُ بَهْرام الفزاري.
وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً ابن سعد 8/ 6، والدولابي في "الكنى والأسماء" 2/ 128، والطبراني في "الكبير" 24/ (417) و (437) و (451) و (455) و (456) و (457)، وأبو نُعيم في "أخبار أصبهان " 1/ 293 من طرق عن شَهْر بن حَوْشب، به.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 148 - 149، وقال: رواه أحمد والطبراني، وفيه شهر بن حوشب، وهو ضعيف يكتب حديثه.
وصحح الحديث لشواهده المتقدمة والله أعلم.
قال الدكتور أحمد: واحتجوا بحديث عقيلة بنت عبيد بن الحارث، قالت: جئت أنا وأمي قريرة بنت الحارث في نساء من المهاجرات فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه، فلما أقررنا وبسطنا أيدينا لنبايعه، قال: (إني لا أمس أيدي النساء) فاستغفر لنا وكانت تلك بيعتنا.
قلت أي الدكتور: أخرجه الطبراني وإسناده ضعيف فيه موسى بن عبيدة ضعيف.
مناقشته:
قلت: أولا: قول الدكتور (اخرجه الطبراني وإسناده ضعيف فيه موسى بن عبيدة ضعيف) هذا ليس من قوله وإنما قول الهيثمي في مجمع الزوائد نصا فليراجع (5/ 462)، فكيف ينسب قولا له لم يقله!!!!!!
ثانيا: هذه رواية أخرى للحديث السابق (إني لا أصافح النساء) وكون هذه الرواية ضعيفة فيغني عنها الصحيح الثابت لا سيما وأنها بنفس المعنى. والله أعلم.
قال الدكتور أحمد: واحتجوا بحديث عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده الماء فإذا بايع النساء غمس أيديهن فيه).
أخرجه الطبراني وإسناده ضعيف لضعف عبدالله بن حكيم الداهري.
مناقشته:
قلت: أولا: نص الحديث من المعجم الكبير للطبراني (12/ 87): " عَنْ عُرْوَةَ بن مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ الْمَاءُ، فَإِذَا بَلَغَ النِّسَاءَ غَمَسَ أَيْدِيَهُنَّ فِيهِ".
ثانيا: يظهر أن الدكتور يأخذ من مجمع الزوائد الحديث وتخريجه والحكم عليه دون الرجوع للموطن الأصلي للحدبث مما جعله يقع في أخطاء شنيعة، قد بينت شيءا منها فيما سبق.
ثالثا: هذ الحديث لا دلالة فيه على المبايعة، والحديث الأقرب لما ذكره الدكتور هو ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي كان إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه ثم غمس أيديهن فيه، ذكره العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (20/ 451). ولا دلالة في كلا الحديثين على المصافحة لابتحريم ولا اباحة، فليتنبه لهذا.
قال الدكتور أحمد: واحتجوا بحديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصافح النساء من تحت الثوب).
أخرجه الطبراني في الأوسط وإسناده ضعيف لضعف عتاب بن حرب ولانقطاعه فإن الحسن لم يسمع من معقل بن يسار، قاله أبو حاتم. [المراسيل].
مناقشته:
قلت: وهو كما قال فالحديث ضعيف ضعفه جمع من أهل العلم كالفلاس وابن حبان والهيثمي والألباني وغيرهم. وفي غير هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة الصريحة غنية عن الضعيف والله تعالى أعلم.
قلت: ومعلوم أن مراسيل الحسن ضعيفة عند أهل العلم إذا لم يصرح بالتحديث.
¥