تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما تصويبُكم العبارة بما ذكَرتم من قولكم: (فصواب العبارة أن يقال:" إن الباجي يفسر كلام مالك بالاعتماد الزائد عن مجرد وضع اليمنى على اليسرى ") فليس باللازم، وإنما يُعترَضُ بما يَلزمُ منه الخطأُ، دون ما يَحتملُه، من مثل تضمينِ لفظِ "القول" معنى التوجيه أو التبيين، أو نحو ذلك مما يرتفع معه الإشكالُ؛ وهذا الذي قصدتُه، على أن الخلفَ في اللفظ، ولا سيما أن الباجي إنما يقول بكراهة الوضع لمخافة اعتقاد الناس الوجوبَ، وليس للاِعتماد أصلاً، كما نقلتُ ذلك في المشاركة قبْلَ السابقة عن المالكية، فلا يُعقَلُ أن أَقصدَ أنه يقولُ بالاِعتماد بما رأيتموه غيرَ صوابٍ.

على أن الباجي لا يفسرُ قولَ مالكٍ، كما تفضلتُم، بل يصوِّبُ فهمَ عبد الوهاب ويوضحُه.

ثم إن عبد الوهاب إنما فسَّر كراهةَ الوضع بقصد الاِعتماد، وليس كما ذكَرتم من أنه " يفسرُ كلامَ مالكٍ بالاِعتماد الزائد عن مجرد وضع اليمنى ... "، فالاِعتمادُ بمجرده عند القاضي لا أثر له في حكم الكراهة، بل لا بد من وجود القصد لذلك. كما هو نصُّه في الإشراف.

ثم إن قولَكم:" بالاِعتماد الزائد عن مجرد وضع اليمنى على اليسرى،" ليس فيه ربطُ الاِعتماد بالوضع ربطاً يُفيدُ سببيَّةَ الثاني في الأول؛ وهو الذي قصدتُه بعبارتي المصوَّبةِ من قِبَلكم:" عن طريق وضع اليمنى ... ".

وأما تصحيحُكم الثاني لقولي:" وهل يكون الحكمُ بعدم كراهة الاِعتماد في الوضع هو الأصلَ لعدم قصد غالب الناسِ له " بما ذكرتم من أنه " يمكن أن يكون السؤال: وهل يكون الحكمُ بعدم كراهة الوضع هو الأصلَ لعدم قصد غالب الناسِ للاعتماد ".

فللنظر فيه مجالٌ، فإن مقصَدي من العبارة: أنه إذا كان مالكٌ يرى كراهةَ وضع اليمنى على اليسرى بقصد الاِعتماد -على ما حمَلَه عليه عبدُ الوهاب وصوَّبه الباجي- فإن غالبَ الناس لا يَقصدون ذلك الاِعتمادَ في وضعهم اليمنى على اليسرى، وعليه فلا يَلزمُ الناسَ الكراهةُ بمجرد الاِعتماد بالوضع؛ لعدم قصدهم إياه، وهو من صميم البحث، وليس خارجاً عنه.

على أن الفقهاءَ لم يَصرفوا الكراهةَ إلى الاِعتماد، كما ذكَرتم، بل إلى قصد الاِعتماد، وهو ما عليه المَذهبُ من ترجيح فهْمِ عبد الوهاب لرواية المدونة.

ثم إن قولَكم:" فتوجيه البحث لإسقاط الكراهة عند الاعتماد يعني تضعيف اجتهاد الإمام في تأثير الاعتماد "، ليس بصحيحٍ، ولا يَعني ما ذكَرتُم من التضعيف؛ لأن الإسقاطَ المذكورَ تحصيلُ حاصلٍ؛ لأن الإمامَ لم يَزعمْ تأثيرَ الاِعتماد في الكراهة، بل القصد إلى الاِعتماد هو المؤثِّرُ، وفرقٌ بين الشيء والقصدِ إليه، وحينئذٍ فليس هو اجتهاداً في مقابلة قول مالكٍ إذا فُهمتِ العلةُ هكذا فهماً صحيحاً، بل هو توضيحٌ لقوله.

أما تصحيحُكم الثالثُ، أخي/ محمود، فأراه غريباً؛ إذ كيف هو خارجٌ عن محل البحث، الذي هو تصويبُ الباجي لقول عبد الوهاب إن كراهةَ مالكٍ وضْعَ اليمنى على اليسرى في الفريضة لقصد الاِعتماد؛ وكلامي إنما هو في حكم ما يَفعلُه أكثرُ الناس من الاِعتماد بوضع اليمنى على اليسرى دون قصدٍ لذلك، في ضوء رواية ابن القاسم في المدونة بفهم عبد الوهاب المعتمَدِ في المَذهب، وقد ذكرتُ أن اعتمادَهم هذا لا يكون مكروهاً؛ لأن العلةَ قصدُ الاِعتماد، وهي منتفيةٌ بحكم الغالب.

على أن قولَكم:" ربَط به الكراهة بكل وضوحٍ " لم يتضحْ لي مرجعُ الضمير فيه على مذكورٍ، فإن كان "الاِعتماد" فلا يسلَّم من أساسه، فضلاً عن أن يكون واضحاً كلَّ الوضوح؛ لما عرفْتَ من تعليل عبد الوهاب وربطه الحكمَ بالقصد إلى الاِعتماد.

أما حملُكم كلامي على غير قولِ مالكٍ فليس مبنياًّ عليه، وليس هو من محل البحثِ، لأن كلامي إنما يصحُّ فهمُه في إطار تفسير رواية ابن القاسم ليس إلا. واللهُ أعلمُ.

والسلامُ على أهل العلم وأبنائه وذوِيه من أمثالكم حيث ما كانوا وحلُّوا، فالعلمُ رحِمٌ بين أهله ...

ـ[محمود محمود]ــــــــ[19 - 12 - 10, 05:32 م]ـ

أخي الفاضل عصام:

بارك الله فيك على التوضيحات؛ وأرى أننا متفقان في المضمون، وخلاصته أن رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة محمولة عند الباجي وعبد الوهاب على قصد الاعتماد.

فإن كان هذا التلخيص غير مسلم فصحح لي بارك الله فيك.

وإن كان مسلما فهل يمكن أن نقول إن القاضيين يقولان إن مذهب مالك هو ندب الوضع (أو جوازه) وكراهة قصد الاعتماد؟

ـ[مصطفى البشير]ــــــــ[19 - 12 - 10, 07:31 م]ـ

السلام عليكم:

استجابة لدعوة الأخ المحمود محمود في نقل فهوم علماء المذهب لعبارة ابن القاسم في المسألة، هذا نقل ابن عبد البر في التمهيد (20/ 74، 75)، قال رحمه الله: (ذهب مالك في رواية ابن القاسم عنه والليث بن سعد إلى سدل اليدين في الصلاة، قال مالك: وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة إنما يفعل ذلك في النوافل من طول القيام، قال: وتركه أحب إليَّ. هذه رواية ابن القاسم عنه)، وسبق من بعض الإخوة النقل عنه من الكافي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير