تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم تأول القيرواني الحديث المذكور بالجحد وعارضه بحديث عبادة. ولكنه لم ينسب ذلك لمالك. و كذلك ابن عبدالبر في التمهيد وهو حجة في معرفة مذهب مالك لما حكى القول بعدم التكفير نسبه لأصحاب مالك ولم ينسبه لمالك مع أنه يميل إلى هذا القول_ مع اضطراب عنده في ذلك_ وكذلك ابن أبي زيد يميل إليه، ولو ظفروا لمالك بكلمة لما تأخروا في نقلها والاستناد إليها.

وقد تتبعت كثيرًا من كتب المالكية فلم أعثر على كلمة لمالك في عدم التكفير يخالف بها إجماع الصحابة، بل لم ينقل عنه الطحاوي إلا القول بالتكفير وسيأتي.

ثانياً: مذهب الإمام الشافعي رحمه الله:

يعتبر «إسماعيل المزني» (ت264هـ) من علية أصحاب الشافعي وهو الذي غسله عند موته، ولا يتقدمه أحد من أصحاب الشافعي حتى قال فيه الشافعي: «المزني ناصر مذهبي».

ومختصر المزني الذي اختصر فيه «الأم» وحرر فيه أقوال الشافعي هو أصل المذهب كله. قال ابن العماد: «وهو أصل الكتب المصنفة في المذهب وعلى منواله رتبوا ولكلامه شرحوا». ومع ذلك قال المزني في مختصره (ص53) يحكي قول شيخه وهو أعلم الناس به: «قال الشافعي: يقال لمن ترك الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر: لا يصليها غيرك فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك، كما يكفر فنقول: إن آمنت وإلا قتلناك». قال المزني: «قد جعل تارك الصلاة بلا عذر كتارك الإيمان (التوحيد) فله حكمه في قياس قوله؛ لأنه عنده مثله».

وهذا «أبو جعفر الطحاوي» وهو ابن أخت المزني، وأخذ مذهب الشافعي عن خاله ثم انتقل لمذهب أهل الرأي وهو من أبصر الناس بالشافعي وباختلاف العلماء، ومع ذلك ذكر أن مذهب الشافعي هو تكفير تارك الصلاة، ولم يذكر في ذلك وجهًا آخر له. قال في كتابه مختصر اختلاف العلماء (4/ 393): " قال حفاظ قول مالك: إن من مذهب مالك أن من ترك صلاة متعمداً لغير عذر حتى خرج وقتها فهو مرتد ويقتل إلا أن يصليها وهو قول الشافعي؛ روى الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة) ".

وقد قرأت الأم وكتب الشافعي فلم أجده نص على عدم كفر تارك الصلاة إلا ما نسبه إليه «محمد بن نصر المروزي» في كتابه: (تعظيم قدر الصلاة) مع أبي ثور، وأبي عبيد.

ثالثًا: مذهب الإمام أحمد رحمه الله

جامع الخلال العظيم الذي جمع فيه كل أقوال أحمد وعلومه مفقود، لكن من رحمة الله وفضله أن وجدت منه قِطعٌ يسيرةٌ والذي وجد مما تمس له الحاجة مثل (السنة) و (أحكام الزنادقة) وإلا فالأصل يبلغ عشرين جزءًا كبيرًا.

وقد نقل الخلال كل فتاوى أحمد في تارك الصلاة في كتابه (أهل الملل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض من كتابه الجامع) (2/ 535).

واستوعب الخلال كعادته كل ما نقل عن أحمد في المسألة بما لا يستطيع أحد الزيادة عليه فعقد بابًا بعنوان (من ترك الصلاة فقد كفر) ثم نقل عشر روايات عن أصحاب أحمد وهم:

(عبدالله بن أحمد – واليمامي – والإسكافي – وأحمد بن حسان – وحنبل – وحرب الكرماني – والمروذي – وأبو الحارث الصائغ – والميموني – وأبو داود السجستاني)، وكلهم ينقل عن أحمد تكفيره. وفي رواية اليمامي قال: «لا يرث ولا يورث» وفي رواية ابنه عبدالله احتج بحديث جابر: «بين العبد والكفر ترك الصلاة» وفي رواية الإسكافي قال: «لا أعرف الحديث إلا على ظاهره وأما من فسره جحودًا فلا نعرفه وقد قال عمر: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» وفهم أحمد من كلام عمر أن تارك الصلاة لا حظ له في الإسلام مطلقًا فهو كافر.

وفي رواية ابن حسان قال: «ليس بين الإيمان والكفر إلا ترك الصلاة» وفي رواية حنبل قال: «لم نسمع في شيء من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة» وكذا في رواية حرب واحتج بالحديث.

وفي رواية أبي بكر المروذي وقد سأله عمن ترك الصلاة استخفافًا ومجونًا فقال: «سبحان الله إذا تركها استخفافًا ومجونًا فأي شيء بقي». حتى عاتب المروذي فقال: «هذا تريد تسأل عنه؟! وقد قال عليه الصلاة والسلام: «بين العبد والكفر ترك الصلاة»».

وفي رواية أبي الحارث أفتى أحمد بكفره بمجرد الترك واحتج بالحديث فأعاد عليه السؤال وقال السائل: هو كان مواظبًا على الصلاة ثم تركها وقال لا أصلي ولم يقل الصلاة غير فرض (أي لم يجحد) فقال أحمد: قال النبي عليه الصلاة والسلام: «من ترك الصلاة فقد كفر».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير