الشرح: الإمام ابن المنذر رحمه الله يفرض لنا مسألة قد تحدث كثيراً ومعنى هذا الإجماع أن إنساناً متيمماً والمتيمم يجوز أن يصلي بتيممه إنسان لا يجد الماء فتيمم، ومرَّ هو وقافلته على بئرٍ فيه ماء فلم ينزل ولم يتوضأ وظلوا يمشون في الصحراء فحان وقت الصلاة وهما في مكان لا ماء فيه هل يصلي بتيممه أم أن تيممه انتقض؟ يقول الإمام ابن المنذر رحمه الله: انتقض تيممه لأنه حينما مرَّ على الماء صار واجداً للماء فانتقض تيممه وفُقد شرطٌ من شروط صحة التيمم وهو انعدم الماء؛" فلم تجدوا ماءً فتيمموا "فانتقض تيممه وهو لم يتوضأ ومر على هذا الماء حتى وصل إلى مكان لا ماء فيه وحان وقت الصلاة ولم يجد ماء؛ فعليه أن يعيد التيمم مرة أخرى، وذلك لأمرين:
الأمر الأول: لأنه حينما وجد الماء انتقضت طهارته.
الأمر الثاني: لأنه حين مرَّ على الماء ولم يتوضأ قد فرَّط وأهمل؛ فعليه أن يعيد التيمم مرةً أخرى.
الإجماع الخامس والثلاثون: (وَأَجْمَعُوَا عَلَى أَن الْرَّجُلَ إِذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّه احْتَلَمَ، أَو جَامَعَ وَلَم يَجِد بَلَّلاً أَن لَا غُسْلَ عَلَيْهِ).
الشرح: لو أن رجلاً رأى في منامه حلماً وشعر في المنام أنه احتلم فلمَّا استيقظ من نومه فابتشى فلم يجد منياً هل يجب عليه أن يغتسل؟ الجواب: لا يجب عليه غسل الجنابة , لأن غسل الجنابة إنما يجب بوجود المني.
والدليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أم سُليمٍ م أنها أتت النبي r وقالت: «يَا رَسُوْل الْلَّه أَن الْلَّه لَا يَسْتَحْي مِن الْحَق، فَهَل عَلَى الْمَرْأَة مِن غُسْلٍ إِذَا هِي احْتَلَمَت قَال: «نَعَم إِذَا رَأَت الْمَاء» فعلق النبي r وجوب الغسل على رؤية الماء في السروال أكرمكم الله أي رؤية المني في السروال، وهذا عامٌ للرجال والنساء حتى في رواية قال إحدى زوجات النبي r: » وَيْحَك يَا أُم سُلَيْم فِضَحْتِِ الْنِّسَاء،» وفي رواية قالت امرأة للنبي r من زوجاته:» أَو تَحْتَلِم الْمَرْأَة يَا رَسُوْل الْلَّه قَال: فَبِمَا يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا» إذن قول الإمام ابن المنذر رحمه الله (وَأَجْمَعُوَا عَلَى أَن الْرَّجُلَ إِذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّه احْتَلَمَ، أَو جَامَعَ) في المنام رأى أنه جامع، (وَلَم يَجِد بَلَّلاً عَلَيْهِ).لم يجد منياً (أَن لَا غُسْلَ،).
مسألة معكوسة: لكن ليس مجمع عليها، هب أن رجلاً لم يرى في المنام أنه احتلم، لكن هذا الرجل لما استيقظ من نومه فتش في سرواله فوجد منياً طرياً , يجب عليه أن يغتسل , لأنه رأى الماء إذن الاغتسال مرتبطٌ برؤية الماء وهو المني.
مسألة ثالثة:تتفرع على ذلك: هب أن رجلاً صلى صلوات، ثم ذهب ليغير ثيابه فرأى منياً في ثيابه فماذا يصنع؟ هل يعيد الصلوات التي صلاها؟ أم أن يغتسل ولا يعيد؟ يقول العلماء: هذا الرجل عليه أن يعيد الصلاة من آخر نومة نامها، لماذا لأن غلبة الظن أن هذا الاحتلام كان في هذه النومة؛ يغتسل ويعيد هذه الصلوات.
مسألة أخرى: هب أن هذا الرجل كان إماماً هل يغتسل ويعيد هذه الصلوات ويأمر الناس في المسجد أن يعيدوا صلاتهم؟ الجواب: لا يعيد هو فقط ولا يأمرهم بالإعادة؛ لأن عثمان t صلى بالناس ثم ذهب إلى بستانه فوجد نفسه قد احتلم، وجد نفسه كان جنباً فاغتسل وأعاد الصلاة ولم يأمرهم في المسجد بالإعادة، لماذا؟ يقول العلماء: لأنهم صلوا خلف من يعتقدون طهارته فصلاتهم صحيحة، أما هو فعليه أن يعيد الغسل ويعيد الصلاة.
الإجماع السادس والثلاثون:
يقول الإمام ابن المنذر رحمه الله تعالى: (وَأَجْمَعُوَا عَلَى إِثْبَات نَجَاسَة الْبَوْل).
الشرح: بول الإنسان نجسٌ بالإجماع ,الدليل على ذلك:ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس ب قال: «مَر رَسُوْل الْلَّه r بِقَبْرَيْن فَقَال: «إنَّهُما لَيُعَذَّبَان وَمَا يُعَذَّبَان فِي كَبِيْر بَلَى إنَّه كَبِيْر أَمَّا أَحَدُهُما فَكَان لَا يُسْتَبْرَأ مِن بَوْلِه وَأَمَّا الْآَخَرُ فَكَان يَمْشِي بَيْن الْنَّاس بِالْنَّمِيْمَة»
¥