تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سائر مصلحته.

وكانت هذه حال الخليل بن أحمد الفرهودي مع فضله وأدبه وكمال علمه وآلاته، في بازي كان يقتنص به، ويوسد خده لبنةً، وكان جلة الناس في عصره يجتذبونه، ويعرضون عليه المشاركة في أحوالهم فلا يثنيه ذلك من مذهبه، فأحد من كاتبه سليمان بن علي الهاشمي فكتب الخليل بن أحمد إليه:

أبلغ سليمانَ أني عنه في سَعةٍ ... وفي غنىً غير أني لستُ ذا مالِ

شحا بنفسي أني لا أرى أحداً ... يموت هُزلاً ولا يبقى على حالِ

وقلما رأيت صائداً إلا تبينت فيه من سيما القناعة، وعلامة الزهد والصيانة، ما لا تتبينه في غيره من سائر المخالطين للناس، ولا تكاد تسمع منه ولا عنه ما تسمعه من سائرهم وعنهم.

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس في التفسير قال: إنما سمي أصحاب المسيح الحواريين لبياض ثيابهم وكانوا صيادين.

وقال أرسطا طاليس: أول الصناعات الضرورية الصيد ثم البناء ثم الفلاحة، وذلك لو أن رجلاً سقط إلى بلدة ليس بها أنيس ولا زرع لم تكن له همة إلا حفظ جسمه ونفسه بالغذاء الذي به قوامه، فليس يفكر إلا فيما يصيده، فإذا صاد واغتذى فليس يفكر بعد ذلك إلا فيما يستظل به ويستكن فيه وهو البناء، فإذا تم له فكر حينئذ فيما يزرعه ويغرسه.

ويغدو للصيد اثنان متفاوتان، صعلوك منسحق الأطمار، وملك جبار، فينكفئ الصعلوك غانماً، وينكفئ الملك غارماً، وإنما يشتركان في لذة الظفر. ولا مؤونة أغلظ على ذي المروءة من تكلف آلات الصيد لأنها خيل وفهود وكلاب وآلات تحتاج في كل قليل إلى تجديد. ومن ههنا قيل إنه لا يشغف بالصيد إلا سخيّ.

قال أبو العباس السفاح لأبي دلامة: سل؟ فقال: كلباً، قال: ويلك، وماذا تصنع بالكلب؟ قال: قلت: سل، والكلب حاجتي، قال: هو لك، قال: ودابة تكون للصيد، قال: ودابة، قال: وغلام يركبها ويتصيد عليها، قال: وغلام، قال: وجارية تصلح لنا صيدنا وتعالج طعامنا، قال: وجارية، قال أبو دلامة: كلب ودابة وغلام وجارية هؤلاء عيال لا بد من دار، قال: ودار، قال: ولا بد من غلة وضيعة لهؤلاء، قال: قد أقطعناك مائة جريب عامرة ومائة جريب غامرة، قال: وما الغامرة؟ قال: لا نبات فيها، قال: أنا أُقطعك خمس مائة جريب في فيافي بني أسد، قال: فقد جعلنا لك المائتين عامرة، بقي لك شيء؟ قال: أقبل يدك، قال: أما هذه فدعها، قال: ما منعت عيالي شيئاً أهون من فقداً من هذا.

ـ[عبدالرحمن بن عتيق]ــــــــ[07 - 11 - 10, 08:11 م]ـ

رائع وجزاك الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير