فإذا أصدرت السلطة الشرعية المسئولة عن إثبات الهلال في بلد إسلامي ــ المحكمة العليا، أو دار الإفتاء، أو رئاسة الشؤون الدينية، أو غيرها ــ قرارها بالصوم أو بالإفطار، فعلى مسلمي ذلك البلد الطاعة والالتزام؛ لأنها طاعة في المعروف، وإن كان ذلك مخالفا لما ثبت في بلد آخر، فإن حكم الحاكم هنا رجح الرأي الذي يقول: إنَّ لكل بلد رؤيته.
وقد ثبتَ عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون " (الترمذي: وقال: حسن غريب 697)، وفي لفظ " وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون " أبو داود (2324)، وابن ماجة (1660)، بلفظ: "الفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون " رواه من طريق حماد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال الشيخ شاكر: (وهذا إسناد صحيح جدًا على شرط الشيخين)، وقد روى أبو داود هذا الحديث تحت عنوان "باب إذا أخطأ القوم الهلال ".
قال الإمام الخطابي: معنى الحديث أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قومًا اجتهدوا، فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين، فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعًا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماض، فلا شيء عليهم من وزر أو عنت، وكذلك هذا في الحج إذا أخطأوا يوم عرفة، فإنه ليس عليهم إعادته ويجزيهم أضحاهم كذلك، وإنما هذا تخفيف من الله سبحانه ورفق بعباده. ا هـ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د.حسام الدين موسى عفانة
أبوديس - القدس
تفرق المسلمين في رؤية الهلال
يقول السائل: ما قولكم في رؤية أهل بلد الهلال، فهل يلزم المسلمين في البلدان الأخرى الصوم؟
الجواب: إن هذه المسألة محل اختلاف بين أهل العلم قديماً وحديثاً، وكثر الحديث عنها في هذه الديار وخاصة في أعقاب ما حصل في نهاية رمضان من العام 1413هـ حيث حصلت بلبلة يبن الناس في اليوم الأخير من رمضان وفي يوم العيد أدت إلى أمور تتعارض مع شريعتنا الإسلامية.
فأقول وبالله التوفيق:
لا شك أن جمهور أهل العلم يرون أنه لا عبرة باختلاف المطالع وأن على المسلمين جميعاً أن يصوموا في يوم واحد.
وأنا أقول بهذا القول وأعتقد رجحانه، ولكن هذا الرأي مع قوته ورجحانه إلا أنه رأي نظري لم يأخذ طريقه إلى التطبيق الفعلي في تاريخ المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا تعلم فترة جرى فيها توحيد المسلمين على رؤية واحدة إلا أن يكون حصل ذلك عرضاً ودون ترتيب لذلك الأمر.
وقد يستغرب بعض الناس هذا الكلام ولكنه الواقع، لأن جمع المسلمين على رؤية واحدة عند الصيام أو عند الأعياد، يحتاج إلى وسائل إتصالات حديثة وسريعة حتى يصل الخبر خلال ساعات إلى جميع أنحاء العالم الإسلامي ليصوموا في نفس اليوم. وهل هذا الأمر كان متوفراً للمسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء من بعده! ونحن نعلم أن وسائل الاتصال الحديثة قريبة العهد، ولنضرب مثلاً يقرب الصورة ففي عهد الخلافة الراشدة كان مقر الخليفة في المدينة المنورة وكانت دولة الخلافة مترامية الأطراف فهل كان إذا ثبت رؤية هلال رمضان لدى الخليفة في المدينة المنورة تطير البرقيات وتشتغل الهواتف لإخبار المسلمين في اليمن وفي مصر والشام وفي العراق ليصوموا في يوم واحد؟ كل ذلك ما حصل وما وقع.
ومن قال بخلاف هذا فقد أخطأ.
ولا شك أنني آمل أن يتحقق جمع المسلمين على رؤية واحدة وأن هذا الأمر لسهل ميسور في هذا الزمان في ظل دولة إسلامية واحدة ومع تقدم وسائل الإتصال ولكن إلى أن يتحقق هذا الأمل، أقول: بأنه يجب على أهل كل بلد من بلدان المسلمين أن يصوموا في يوم واحد وأن يكون عيدهم في يوم واحد. فنحن أهل فلسطين علينا أن نصوم جميعاً في يوم واحد وأن يكون عيدنا واحداً لأن في هذا الأمر محافظة على وحدتنا الجزئية إلى أن تتحقق وحدة العالم الإسلامي الكلية، فلا يقبل أن يختلف أهل البلدة الواحدة أو المدينة الواحدة أو القرية الواحدة، فبعضهم صائم وبعضهم يصلي العيد.
¥