وأقول لك جوابك هذا يصادم الفطر السليمة ويصادم ظاهر النصوص فهل تقول أخي بارك الله فيك أن السرقة والقتل مثلا ليست خبائث في نفسها ولم نعلم أنها خبائث إلا من حكمها الشرعي؟!! لا أظنك تقول به أبدا وقولك هذا إن تدبرت يبطل حجة الرسالة علي الناس ويلغي فطرتهم ومفاده أننا لو فرضنا أن التشريع ذكر الخبائث المعروفة بالفطرة البشرية والتي لا يمكن مدافعتها كالقتل والسرقة لو جعلها من الطيبات لكان قدحا في الشريعة ومنفرا منها ولكان حجة للخلق علي ربهم في عدم قبول الوحي وتكذيب الأنبياء ففهم.
وقولك هذا يشبه قول بن حزم في أن أوامر الله ونواهييه ليس لها حكمة وأن الشريعة ليس لها محاسن وأن الله من الممكن أن يأمر بما هو مستقر في النفس أنه خبيث وينهي عما هو مستقر في الفطرة أنه طيب فحذر أخي وفقك الله من هذا المسلك الظاهري
أما بخصوص التدرج في الأحكام وإستبدال نكاح المتعة بشرب الخمر فالفرق واضح جلي وأزيده توضيحا
الخمر: جاء تحريمها تدريجيا وكانت علي أصل الأباحة قبله ثم حرمت في الصلاة ثم حرمت علي الاطلاق
نكاح المتعة: كان معروفا قبل التشريع ثم حرم لأن الأصل في الفروج التحريم ثم أحل في يوم خيبر ثم حرم ثم أحل في فتح مكة ثلاث أيام ثم حرم إلي يوم القيامة
فبطل التدرج من أساسه حيث أن حل نكاح المتعة كان مسبوق بتحريم قطعي ثم حرم قطعيا بعده ثم أحل ثلاث أيام ثم حرم للأبد بعكس الخمر التي لم يسبق حلها تحريم بل كانت حرام ثم حرمت داخل الصلاة ثم حرمت بإطلاق فتدبر.
أما بخصوص عدم علم الصحابة ببعض المسائل وفروع الدين فهذا معلوم لا خلاف فيه ولكن تدبر ما كتبت بالمشاركة السابقة بارك الله فيك فقد قلت أن هذا الامر يختلف عن غيره من فروع الدين لأنه أمر متعلق بالفروج والمواريث والأنساب فالعناية به يتوقع أن تكون أكبر من معرفة نقض الشعر عند الغسل أو إجزاء التيمم عن الأغتسال وأمثال ذلك وهذا واضح فمرتبة هذا الأمر يجب أن تكون (من المعلوم من الدين بالضرورة) فهو زواج باطل يشابه الزنا بل لا أجد فرقا واضحا بينه وبين الزنا فهو يشبه الزنا بأجر فكيف لا يبلغ جميع الناس بمثل هذا وهو أمر في نظري سهل ميسور فالمسلمون يومئذ بضعة ألاف فقط يكفي أن ينادي منادي في طرقات مكة ويجمع الناس ويقال لهم إن الله قد حرم عليكم نكاح المتعة إلي يوم القيامة والحاضر يبلغ الغائب ليعلم كل أحد بالأمر فهو أمر عظيم يستحق الجمع والنداء والتبليغ
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[27 - 11 - 10, 02:15 م]ـ
(نكاح المتعة: كان معروفا قبل التشريع ثم حرم لأن الأصل في الفروج التحريم ثم أحل في يوم خيبر ثم حرم ثم أحل في فتح مكة ثلاث أيام ثم حرم إلي يوم القيامة
فبطل التدرج من أساسه حيث أن حل نكاح المتعة كان مسبوق بتحريم قطعي ثم حرم قطعيا بعده ثم أحل ثلاث أيام ثم حرم للأبد بعكس الخمر التي لم يسبق حلها تحريم بل كانت حرام ثم حرمت داخل الصلاة ثم حرمت بإطلاق فتدبر.)
فلماذا حرمت ثم حللت أكثر من مرة ثم حرمت إلى الأبد فلو كان الأمر للضرورة لبقي حكمها يرجع إليه إذا توفرت نفس الظروف التي مر بها الصحابة, وقد حرمت على نفس الذين أحلت لهم بعد أن تمكن الإيمان من قلوبهم واستطاعوا الصبر عن النساء استجابة لحكم الشرع
ـ[سمير محمود]ــــــــ[27 - 11 - 10, 04:23 م]ـ
ومن العلماء المحققين من يقول بإباحة المتعة مرة واحدة ثم حُرّمت ومنهم ابن القيم ...
ويمكن أن المتعة أبيحت للضرورة والضرورة تبيح الفواحش لأن حفظ الدين وصحة النفس مقدم على
صيانة النفس من ارتكاب الفواحش ويأيد ذلك قول ابن عباس في رواية عنه إنما أحللت مثل ما أحل الله الميتة والدم يريد عند الضرورة وقال ابن أبي عمرة إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين ونهى عنها. فلذلك قال بعض المالكية بإباحة المتعة في الضرورة قال محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره: "وأرجح الأقوال أنها رخصة للمسافر ونحوه من أحوال الضرورات، ووجه مخالفتها للمقصد من النكاح ما فيها من التأجيل. وللنظر في ذلك مجال. والذي يستخلص من مختلف الأخبار أن المتعة أذن فيها رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- مرتين، ونهى عنها مرتين، والذي يفهم من ذلك أن ليس ذلك بنسخ مكرر ولكنه إناطة إباحتها بحال الاضطرار، فاشتبه على الرواة تحقيق عذر الرخصة بأنه نسخ. وقد ثبت أن الناس استمتعوا في زمن أبي بكر، وعمر، ثم نهى عنها عمر في آخر خلافته. والذي استخلصناه في حكم نكاح المتعة أنه جائز عند الضرورة الداعية إلى تأجيل مدة العصمة، مثل الغربة في سفر أو غزو إذا لم تكن مع الرجل زوجه. "
وأنا أشك في كون المتعة في عهد الصحابة نظير ما يفعله الإمامية ويحتمل أن الإباحة كانت في جواز اشتراط الوقت المحدد وعدم التوارث فحسب فهذا بختلف من المتعة المعروفة عند الإمامية.
قال ابن عطية: وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين وإذن الولي إلى أجل مسمى وعلى أن لا ميراث بينهما ويعطيها ما اتفقا عليه ... وقال القرطبي رحمه الله بعد أن نقل قول ابن عطية وأشار إلى خطأ وقع في كتاب النحاس: قلت: هذا هو المفهوم من عبارة النحاس فانه قال وإنما المتعة أن يقول لها اتزوجك يوماً أو ما أشبه ذلك على انه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك وهذا هو الزنى بعينه ولم يبح قط في الإسلام.
ولذا قال ابن عاشور لما أباح المتعة للضرورة إنه "يشترط فيه ما يشترط في النكاح من صداق وإشهاد وولي حيث يشترط، وأنها تبين منه عند انتهاء الأجل، وأنها لا ميراث فيها بين الرجل والمرأة، إذا مات أحدهما في مدة الاستمتاع، وأن عدتها حيضة واحدة، وأن الأولاد لاحقون بأبيهم المستمتع."
والله أعلم.
¥