المضمضمة والاستنشاق:وصلٌ وفصلٌ وجمع بينهما وأمر رابعٌ مستصعب
ـ[صالح الرويلي]ــــــــ[26 - 11 - 10, 01:04 ص]ـ
للإستنشاق صور منها الوصل ومنها الفصل ومنها الجمع بينهما ومنها أمر مستصعب ... وإليك التفصيل .. وهذا جزء من شرح للشيخ المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى:
الاستنشاق تقع على صور:
الصورة الأولى: يسميها العلماء بصورة الوصل،
وذلك أن تجمع بين المضمضة والاستنشاق من كف واحد.
مثال ذلك: أن تغرف بيمينك الماء ثم تدنيه إلى الفم فتمضمض ثم ترفع الباقي إلى الأنف فتقسم هذه الكف ين المضمضة والاستنشاق، وهذه الصورة يسميها العلماء بصورة الوصل.
و عليه فإنك إذا تمضمضت و استنشقت ثلاث مرات فإنك تتمضمض و تستنشق بثلاثة غرفات.
الصورة الثانية: وهي صورة الفصل سماها العلماء -رحمهم لله- بصورة الفصل؛ لأن المتوضئ يفصل بين المضمضة والاستنشاق وهذه الصورة يجعل فيها المكلف للمضمضة ماءً مستقلاً من كف مستقلة ثم يجعل للاستنشاق مثلها، وبناءً على ذلك فمن تمضمض و استنشق مرة واحدة بهذه الصورة فإنه يجمع بينهما بكفين فيجعل الكف الأولى للمضمضة والكف الثانية للاستنشاق وهذه الصورة يكون المكلف فيها متمضمضاً ومستنشقاً ثلاث مرات بست غرفات كما هو معلوم.
و أما الصورة الثالثة: فهي صورة جامعة بين الصورتين وهي
صورة الفصل و الوصل وحاصلها أنه يأخذ الماء بكفيه أو يأخذ ماءاً بكفه اليمين كله سيان، فإذا أخذ الماء بالكفين فإنه يفصل لكل كف ماءها ثم بعد ذلك يتمضمض من كف و يستنشق من كف أخرى وهذه الصفة يصدق عليها أنها مضمضة واستنشاق من كف واحد و يصدق عليها أنها مضمضة واستنشاق من كفين هذه هي أشهر صور المضمضة والاستنشاق.
وقد ورد عن النبي- r- ما يدل على الصورة الأولى: و أنها هي الأفضل
وذلك في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم النجاري الأنصاري- t- وعن أبيه- وفيه أنه لما سُئل عن وضوء النبي- r- : " تمضمض واستنشق ثلاثاً بثلاث غرفات "وهذا الحديث ثابت في الصحيحين، وقد جاء في رواية: " أنه تمضمض واستنشق
ثلاثاً بثلاث غرفات من كف واحدة " فرواية من كف واحدة صريحة في الدلالة على أنه جمع وهي صورة الوصل كما ذكرنا.
أما الصورة الثانية وهي صورة الفصل فقد حمل
العلماء-رحمهم الله-:
الحديث الأول عليها وقالوا: إن قوله "تمضمض و استنشق
ثلاثاً بثلاث غرفات" أي تمضمض بثلاث غرفات و استنشق بثلاث غرفات، فيكون ذلك من باب العطف على كل واحد على حده وليس المراد مجموع الأمرين وحينئذٍ تكون الواو لمطلق العطف وعلى الوجه الذي ذكرناه تكون للجمع وهذا القول أو هذه الصورة دل عليها حديث أبي داود عن طلحة بن مصرف- t وأرضاه- أنه "رأى النبي- r- توضأ وفصل بين المضمضة والاستنشاق"وهذا الحديث
رواه أبو داود في سننه؛ ولكنه حديث ضعيف لأنه من رواية ليث بن أبي سليم و
لذلك لم يعتد العلماء –رحمهم الله- بهذا الحديث لمكان ضعفه.
و أما الدليل الثالث على هذه الصفة- أعني صفة الوصل- ففيها حديث عن عثمان وعلي-رضي الله عنهما-"أنهما توضئا وفصلا بين المضمضة والاستنشاق فجعلا كل واحدة منهما على حدة وقالا بعد فراغ الوضوء هكذا رأينا رسول الله- r-" وهذا الحديث سكت عنه الحافظ بن حجر، وقال بعض
العلماء: إن سكوته يدل على تحسينه له ولم يخلُ هذا الكلام من نظر، ولذلك اجتمع أصحاب هذا القول على القول بمشروعية الفصل ومما يؤيده إطلاق الروايات في حديث عثمان بن عفان وحديث علي-رضي الله عنهما- في صفة وضوءه -صلوات الله وسلامه
عليه-.
وأما الصورة الثالثة: وهي الجمع بين المضمضة و الاستنشاق وذلك من
كفين متباينتين فحملوا عليها رواية حديث عبد الله بن زيد أن النبي- r- " تمضمض و استنشق ثلاثاً من كف واحدةٍ " قالوا فكف
للمضمضة وكف للاستنشاق.
وهناك صورة رابعة غريبة بعيدة مستصعبة: وهي التي
ورد فيها حديث ابن ماجة و حملوا عليها رواية حديث عبد الله بن زيد وفيها أن
النبي- r- لما وصف عبد الله بن
زيد- t- وضوءه "قال فتمضمض ثلاثاً
واستنشق ثلاثاً من كف واحدة" قالوا وهذا يدل على أن السنة أن يجمع بين المضمضة
والاستنشاق من كف واحدة تكون المضمضة ثلاثاً والاستنشاق ثلاثاً، وقد استبعد
العلماء -رحمهم الله- هذه الصورة وقالوا إنها أشبه بالمتعذر أن يأخذ الإنسان كفاً
¥