تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[السيد محمد الطنطاوي]ــــــــ[16 - 12 - 10, 11:19 م]ـ

عذراً فهذا ما وقفنا عليه سريعاً ونقلناه رجاءَ النفع ....... .

قال الإمام البغوي رحمه الله: " وهذا إجماع أن أحداً من الأمة لا يجوز له أن يزيد على أربع نسوة، وكانت الزيادة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم لا مشاركة معه لأحد من الأمة فيها ". أ. هـ. " تفسير البغوي " (1/ 391)

وقال الإمام القرطبي رحمه الله: " وذهب بعض أهل الظاهر أيضاً إلى أقبح منها، فقالوا: بإباحة الجمع بين ثمان عشرة تمسكاً منه بأن العدل في تلك الصيغ يفيد التكرار، والواو للجمع، فجعل مثنى بمعنى أثنين أثنين، وكذلك ثلاث ورباع، وهذا كله جهل باللسان والسنة ومخالفة لإجماع الأمة إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع ". أ. هـ. " تفسير القرطبي " (5/ 17)

الزواج بتسع نسوة قول نسب إلى الإمام داود الظاهري رحمه الله وبعض المتأخرين ينسبه لأهل الظاهر جملة.

إن أول من علمت أنه نسب هذا القول إلى أهل الظاهر هو القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن ..

نفى الطاهر بن عاشور في تفسيره أن يكون هذا قول داود الظاهري أو الظاهرية.

وقال الطاهر بن عاشور: ( ... وفي تفسير القرطبي نسبة هذا القول إلى الرافضة، وإلى بعض أهل الظاهر، ولم يعيّنه، وليس ذلك قولاً لداوود الظاهري ولا لأصحابه ... ).

والصحيح: أن هذا ليس بقول أهل الظاهر، سواء داود الظاهري، ولا ابنه، ولا ابن المغلس، ولا المنصوري، ولا من كان دون المنصوري في الطبقة، ولا من كان فوقه إلى الإمام ابن حزم، ولا غيرهم، والدليل على ذلك ما حكاه أبو العباس المنصوري الظاهري في كتابه (النير) كما نقله ابن القطان الفاسي في الإقناع، قال أبو العباس المنصوري: ومن تزوج واحدة بعد أخرى، ثبت العقد على أربع، ولم يثبت على الخامسة، ولا تنازع بين أهل العلم في ذلك.

فلا يثبت عقد على الخامسة لتحريم الزيادة على الأربع، ونقل مثل هذا الإجماع غير واحد من العلماء، وكذلك نقله أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط، وذكر أن هناك من قال بجواز الزواج بتسع، وبثمانية عشرة.

فأهل الظاهر أعلم بأئمة الظاهرية وأقوالهم، ولم يذكر الإمام ابن حزم الظاهري، أو حتى من له عناية بتحصيل قول أهل الظاهر كابن عبد البر وغيره هذا القول على أنه قول أهل الظاهر.

فهذا القول منسوب نسبة خطأ لا تصح، وهو استخراج استخرجه القرطبي أو من أخذه منه، فأحياناً القرطبي يستخراج أقوالا لم يقل بها أهلها على ما يظن أنها أصولهم، فيقع في الخطأ، وقد عالج بعض الباحثين بعض هذه التخريجات حين جمع فقه أهل الظاهر من كتابه.

إلا أن هذا الإجماع نقل نقضه عن القاسم بن إبراهيم، ولا أدري منه هو، والنخعي، وابن أبي ليلى، والذين قالوا بجواز الزواج بتسع، وكذلك بعض الشيعة والخوارج، فيما نقله صاحب تبيين الحقائق، وأظن القاسم بن إبراهيم المنقول عنه هو الذي ذكره النووي في المجموع وقال أن شيعته تسمى (القاسمية) وقد ذكره الشوكاني وكلامه يدل على أنه من الزيدية، وهي حكاية لا تصح عنه أيضاً؛ لأنه نقل عن الإمام يحيى أنه نفى هذا القول عنه، وحكاه في البحر الزخار للزيدية عن الظاهرية وقوم مجاهيل، بهذا يظهر أنه من أئمة الزيدية، فلم يصح النقل عن القاسم بن إبراهيم.

وأما ما نقل عن النخعي، وابن أبي ليلى: فلا أراه يصح عنهما، ولم أقف عليه، ولعل مطلع عليه أن يخبرنا بموضعه في الكتب المسندة لننظر فيه وفي إسناده، ولو كان لهما قول مخالف في هذا لذكره أئمة النقل الذي حكوا مسائل الفقه عن السلف.

فصحيح أن العلماء اختلفوا في صيغة الآية هل تدل على تحريم الزيادة أو لا تدل، إلا أن الشرع لا يؤخذ فقط من القرآن، وقد جاء في السنة تحريم الخامسة، وممن أخذ التحريم من السنة الإمام الشوكاني رحمه الله وغيره، وعلى هذا النص كان الإجماع الذي لا يحل خلافه.

قال الإمام أبو محمد بن حزم في " مراتب الإجماع " (ص: 63):

" واتفقوا على أن نكاح أكثر من أربع زوجات لا يحل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

وقال في " المحلى " (9/ 441):

" ولا يحل لأحد أن يتزوج أكثر من أربع نسوة إماء أو حرائر أو بعضهن حرائر وبعضهن إماء ... " ثم ذكر أدلته على ذلك ومن ثم قال:

" وأيضاً فلم يختلف في أنه لا يحل لأحد زواج أكثر من أربع نسوة أحد من أهل الإسلام، وخالف في ذلك قوم من الروافض لا يصح لهم عقد الإسلام، ... ".

وقال في موضع آخر (11/ 247) عند حديثه على من نكح خامسة وذكرهِ مذاهب العلماء:

" وقال مالك، والشافعي، وأصحابنا: يرجم إلا أن يعذر بجهل ".

قال ابن عقيل الظاهري معلقاً على هذا النص النفيس في كتابه " ابن حزم خلال ألف عام " (4/ 24):

" في هذا رد على سفسطات سمعتها تقول: إن الظاهريّة تبيح نكاح تسع؟! ".

وقال الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ في كتابه " السّيل الجَرّار " (2/ 255) مستنكراً ما نُسب إلى الظاهريّة:

" والنقل عن الظاهريّة لم يصح فإنه قد أنكر ذلك منهم من هو أعرف بمذهبهم ".

وقد نص أبو سليمان داود بن علي رحمه الله على بطلان الزواج بخامسة، ونقل ذلك عنه بعض العلماء الذين اعتنوا بأقواله، ونقلها النووي وغيره من المتأخرين.

والله الموفق ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير