شيء بدهي أنهم يقيمون الأعياد فيه، فإذا كانوا يتخذونه عيدا زمن النبي صلى الله عليه وسلم فمن المؤكد أن أعيادهم زادت على ما كانوا عليه لأن أحبارهم يتولون تحريف دينهم، وكلما هلك حبر خلف حبر في التحريف بعده.
وقد راسلت بعض المختصين في علم العقيدة، والمهتمين بالفرق والأديان ولم أجد الجواب الشافي، وهذه وإن لم تكن فائدة بحد ذاتها لكن لعلها تجلب لنا فائدة من غيرنا:
المسائل التربوية:
هذه ثلاثون مسألة تربوية جمعتها من الأحاديث الواردة في هذا اليوم العظيم، وهي كالتالي:
المسألة الأولى:
يوم عاشوراء حدث تأريخي في حياة البشرية، ونقطة تحول في حرب الإيمان مع الكفر، ولذلك كانت حتى الأمة الجاهلية تصومه، كما قالت عائشة رضي الله عنها: "أن قريشاً كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية" متفق عليه.
بل حتى الأمة الكتابية كانت تصوم هذا اليوم، وتتخذه عيداً كما ثبت في الصحيحين.
المسألة الثانية:
يوم عاشوراء ربطٌ بين أهل الإيمان بعضهم البعض، ولو اختلفت الأنساب واللغات بل والأزمنة، فأصله ارتبط بموسى ومن معه من المؤمنين، وقيل قبل ذلك، ثم امتد لكل من شاركهم في الإيمان، وهذا يعزز رابطة الأخوة الإيمانية وقوة العقيدة.
المسألة الثالثة:
يربي في قلوب المؤمنين المحبة بينهم ووحدة الهم، فبصيامه يتذكر الإنسان ذلك الحدث التأريخي الذي مر على إخوانه في الدين مع موسى _عليه السلام_ من محاربة لهم وإيذاء على أيدي أهل الكفر.
المسألة الرابعة:
يوم عاشوراء يدل على أن الأنبياء بعضهم أولى ببعض كما في رواية "أنا أولى بموسى منكم". وهذه الولاية لاتحادهم في الدين والرسالة.
المسألة الخامسة:
صيام يوم عاشوراء يدل أن هذه الأمة أولى بأنبياء الأمم السابقة من قومهم الذين كذبوهم، ويدل لذلك رواية الصحيحين "أنتم أحق بموسى منهم".
وهذا من مميزات الأمة المحمدية عند الله، ولذلك يكونون شهداء على تبليغ الأنبياء دينهم يوم القيامة.
المسألة السادسة:
يوم عاشوراء يربي المسلم على أخوة الدين فقط، ولذلك قال _صلى الله عليه وسلم_: "أنتم أحق بموسى منهم" وما ذلك إلا لرابطة الدين التي بيننا، و إلا فإن أهل الكتاب أقرب لموسى عليه السلام من حيث النسب.
المسألة السابعة:
يوم عاشوراء تذكير لأهل الأرض عامة بنصرة الله لأوليائه، وهذا يجدد في النفس كل سنة البحث عن هذه النصرة وأسبابها، ومن أسبابها:
نصرة دين الله، وإقامة تعاليم الإسلام في النفس، وتطبيق شرع الله في الأرض.
المسألة الثامنة:
يوم عاشوراء تذكير لأهل الأرض عامة بهزيمة الله لأعدائه، وهذا يجدد في النفس الأمل ويبعث التفاؤل، فكل عدو مهما بلغت قوته فالله أقوى وأعز وأجل، فيحاربه المؤمن بالعقيدة الثابتة، واليقين الراسخ، والإرادة القوية، فمثل هذا من يستطيع هزيمته؟!.
المسألة التاسعة:
يوم عاشوراء دليل على تنوع النصر بالنسبة للمسلمين، فقد لا يكون النصر على الأعداء بهزيمتهم والغنيمة منهم، بل أحياناً يكون النصر عليهم بهلاكهم وكفاية المسلمين شرهم كما حدث مع موسى عليه السلام، وكما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخندق، وغيرها من المواقف التي مرت في تاريخ الأمة.
المسألة العاشرة:
يوم عاشوراء تأكيد على وجوب مخالفة هدي المشركين حتى في العبادة، ويدل لهذه المخالفة ما يلي:
أ- لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود والنصارى اتخذوه عيداً، قال: صوموه أنتم".
ب- أمر النبي صلى الله عليه وسلم "أن يصام يوم قبله أو يوم بعده" رواه أحمد في المسند وفيه مقال.
فتتربى فيه الأمة على الشخصية الخاصة التي تليق بها، تستمدها من قرآنها وسنة نبيها، وتقاليدها الخاصة بها، ولهذا لا تجد الشخصية المسلمة سريعة الذوبان في غيرها من القيم التي تعاصرها، ولا تتنازل عن شيء مما يخصها، وهذا سر بقائها.
المسألة الحادية عشرة:
من تأمل الأحاديث في يوم عاشوراء تبين له أن أصل مخالفة المسلمين للمشركين أمر متقرر عند الصحابة، ويدل لذلك أنهم لما علموا صيام أهل الكتاب مع صيامهم مباشرة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: "إن اليهود والنصارى يصومون هذا اليوم" فكأنهم قالوا: أنت يا رسول الله علمتنا مخالفة اليهود والنصارى، وهم الآن يصومون، فكيف نخالفهم؟.
¥