فأهل الظاهر أعلم بأئمة الظاهرية وأقوالهم، ولم يذكر الإمام ابن حزم الظاهري، أو حتى من له عناية بتحصيل قول أهل الظاهر كابن عبد البر وغيره هذا القول على أنه قول أهل الظاهر.
فهذا القول منسوب نسبة خطأ لا تصح، وهو استخراج استخرجه القرطبي أو من أخذه منه، فأحياناً القرطبي يستخراج أقوالا لم يقل بها أهلها على ما يظن أنها أصولهم، فيقع في الخطأ، وقد عالج بعض الباحثين بعض هذه التخريجات حين جمع فقه أهل الظاهر من كتابه.
إلا أن هذا الإجماع نقل نقضه عن القاسم بن إبراهيم، ولا أدري منه هو، والنخعي، وابن أبي ليلى، والذين قالوا بجواز الزواج بتسع، وكذلك بعض الشيعة والخوارج، فيما نقله صاحب تبيين الحقائق، وأظن القاسم بن إبراهيم المنقول عنه هو الذي ذكره النووي في المجموع وقال أن شيعته تسمى (القاسمية) وقد ذكره الشوكاني وكلامه يدل على أنه من الزيدية، وهي حكاية لا تصح عنه أيضاً؛ لأنه نقل عن الإمام يحيى أنه نفى هذا القول عنه، وحكاه في البحر الزخار للزيدية عن الظاهرية وقوم مجاهيل، بهذا يظهر أنه من أئمة الزيدية، فلم يصح النقل عن القاسم بن إبراهيم.
وأما ما نقل عن النخعي، وابن أبي ليلى: فلا أراه يصح عنهما، ولم أقف عليه، ولعل مطلع عليه أن يخبرنا بموضعه في الكتب المسندة لننظر فيه وفي إسناده، ولو كان لهما قول مخالف في هذا لذكره أئمة النقل الذي حكوا مسائل الفقه عن السلف.
فصحيح أن العلماء اختلفوا في صيغة الآية هل تدل على تحريم الزيادة أو لا تدل، إلا أن الشرع لا يؤخذ فقط من القرآن، وقد جاء في السنة تحريم الخامسة، وممن أخذ التحريم من السنة الإمام الشوكاني رحمه الله وغيره، وعلى هذا النص كان الإجماع الذي لا يحل خلافه.
قال الإمام أبو محمد بن حزم في " مراتب الإجماع " (ص: 63):
" واتفقوا على أن نكاح أكثر من أربع زوجات لا يحل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وقال في " المحلى " (9/ 441):
" ولا يحل لأحد أن يتزوج أكثر من أربع نسوة إماء أو حرائر أو بعضهن حرائر وبعضهن إماء ... " ثم ذكر أدلته على ذلك ومن ثم قال:
" وأيضاً فلم يختلف في أنه لا يحل لأحد زواج أكثر من أربع نسوة أحد من أهل الإسلام، وخالف في ذلك قوم من الروافض لا يصح لهم عقد الإسلام، ... ".
وقال في موضع آخر (11/ 247) عند حديثه على من نكح خامسة وذكرهِ مذاهب العلماء:
" وقال مالك، والشافعي، وأصحابنا: يرجم إلا أن يعذر بجهل ".
قال ابن عقيل الظاهري معلقاً على هذا النص النفيس في كتابه " ابن حزم خلال ألف عام " (4/ 24):
" في هذا رد على سفسطات سمعتها تقول: إن الظاهريّة تبيح نكاح تسع؟! ".
وقال الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ في كتابه " السّيل الجَرّار " (2/ 255) مستنكراً ما نُسب إلى الظاهريّة:
" والنقل عن الظاهريّة لم يصح فإنه قد أنكر ذلك منهم من هو أعرف بمذهبهم ".
وقد نص أبو سليمان داود بن علي رحمه الله على بطلان الزواج بخامسة، ونقل ذلك عنه بعض العلماء الذين اعتنوا بأقواله، ونقلها النووي وغيره من المتأخرين.
والله الموفق ..
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[17 - 12 - 10, 01:27 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم فقد وفيتم في تبرئة الظاهرية من هذا القول
هل كان الطاهر بن عاشور من الظاهرية؟
ـ[السيد محمد الطنطاوي]ــــــــ[17 - 12 - 10, 09:59 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم فقد وفيتم في تبرئة الظاهرية من هذا القول
هل كان الطاهر بن عاشور من الظاهرية؟
وفيكم بارك أخى الكريم
وليس الغرض تبرئة مذهب او شخص بل إظهار الحق ونفي القول عن كافة مذاهب السنة وبيان أنه قول شاذ لبعض طوائف الرافضة
والعلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله مالكي
وابن القطان الفاسي أصوله مالكية ولكنه مجتهد ومتخير بين الأقوال شأنه شأن ابن عبد البر
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[17 - 12 - 10, 10:20 م]ـ
بارك الله فيكم
نعود للموضوع وهو تضعيف الحافظ ابن حجر لطرق الحديث هل جانب فيه الصواب؟