قال الجصاص رحمه الله: " وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: " أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ "، فَأَضَافَ نَفْسَهُ إلَيْهِ كَإِضَافَةِ مَالِهِ، وَإِطْلَاقُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ يَنْفِي الْقَوَدَ كَمَا يَنْفِي أَنْ يُقَادَ الْمَوْلَى بِعَبْدِهِ لِإِطْلَاقِ إضَافَتِهِ إلَيْهِ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي الْمِلْكَ فِي الظَّاهِرِ، وَالْأَبُ وَإِنَّ كَانَ غَيْرَ مَالِكٍ لِابْنِهِ فِي الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ اسْتِدْلَالَنَا بِإِطْلَاقِ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ يُسْقِطُهُ الشُّبْهَةُ، وَصِحَّةُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ شُبْهَةٌ فِي سُقُوطِهِ " ([83] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn83)).
وقَالَ رحمه الله: وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: " إنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ "، فَسَمَّى وَلَدَهُ كَسْبًا لَهُ كَمَا أَنَّ عَبْدَهُ كَسْبُهُ فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ، وَأَيْضًا: فَلَوْ قَتَلَ عَبْدَ ابْنِهِ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام سَمَّاهُ كَسْبًا لَهُ كَذَلِكَ إذَا قَتَلَ نَفْسَهُ ([84] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn84)).
الدليل الثالث: وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي مَنْ قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ ([85] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn85)) .
روى الشافعي في " الأم " (6/ 34)، ومن طريقه البيهقي في " السنن الكبرى " (8/ 38)، " معرفة السنن والآثار " (6/ 159،160) قال: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يُقَالُ لَهُ قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِسَيْفٍ فَأَصَابَ سَاقَهُ فَنَزَّى فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ، فَقَدِمَ بِهِ سُرَاقَةُ بْنُ جَعْشَمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " اُعْدُدْ عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ "، فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ ثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً، ثُمَّ قَالَ: " أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ؟ "، فَقَالَ: " هَا أَنَا ذَا "، قَالَ: " خُذْهَا؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ ".
ورواه ابن عبد البر في " الاستذكار " (8/ 135ح 1613)، والبيهقي في " السنن الكبرى " (8/ 72) عن مالك به.
وقال الإمام الباجي رحمه الله: " فَلَمْ يَرَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى الْأَبِ الْقِصَاص " ([86] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn86)) .
قال ابن عبد البر رحمه الله: " هذا الحديث مشهور عند العلماء مروي من وجوه شتى إلا أن بعضهم يقول فيه: قتادة المدلجي كما قال مالك ويحيى بن سعيد، ومنهم من يقول فيه: عرفجة المدلجي، والأكثر يقولون قتادة، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ".
قلت: سنده ضعيف؛ قال أبو زرعة: " عمرو بن شعيب عن عمر مرسل " ([87] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn87)) .
قال ابن عبد البر رحمه الله: " وهذا منقطع " ([88] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn88))، وقال الإمام أحمد: هذا الحديث منقطع وهو في القود غير مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم ([89] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn89)) .
وفي " مصنف عبد الرزاق " (9/ 401 ح 17778) عن معمر، عن الزهري، عن سليمان بن يسار أن رجلاً من بني مدلج قتل ابنه فلم يقده منه عمر بن الخطاب، وأغرمه ديته، ولم يورثه منه، وورثه أمه وأخاه لأبيه.
قال ابن عبد البر رحمه الله: " هذا أصح إسناد في هذا الخبر " ([90] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn90)) .
¥