ـ[أهل الحديث]ــــــــ[01 - 04 - 03, 10:06 ص]ـ
موقع الإسلام اليوم
ندوات بحثية
أصول الفقه بين الثبات والتجديد1/ 2
ورقة ا. د. يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين
أستاذ أصول الفقه بقسم الدراسات العليا
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض:
8/ 1/1423
22/ 03/2002
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وبعد
فيمكن القول إن علم أصول الفقه يُعَدّ الفلسفة المميزة للمسلمين. وهو ألمع الجواهر في تاج الثقافة الإسلامية. أنشأه المسلمون على غير مثال سبق، وكان من ابتكاراتهم الفذّة، يقولون: " (حيث المجتمع ثمة شرع، فبابل عرفت شريعة حمورابي، والإغريق أقاموا الألواح الإثني عشر، والرومان اتبعوا قوانين جوستنيان، وليس من أمة عبر التاريخ لم تستن قانوناً أو تنتهج عرفاً، لكنّ المجتمع الإسلامي امتاز عن (سائر الأمم بأنه أول من وضع منطقاً للشرع تحت اسم (أصول الفقه) " (1).
وإن أصول الفقه هو منهج البحث عند الفقيه، أو هو القانون الذي يعصم ذهن المجتهد عن الخطأ في الاستدلال على أحكام الشرع من طرقها المختلفة.
وفي عصرنا هذا ظهرت تيارات واتجاهات فكرية متعددة، تهدف إلى تغيير المجتمعات، وتدعو إلى تطوير العلوم الشرعية، وفتح باب الاجتهاد على مصراعيه، واللجوء إلى مقتضيات الواقع ومعطيات العقول. وكان من جملة ما شملته هذه التحركات الدعوة إلى تجديد أصول الفقه، وقبل أن نعرض إلى هذه الاتجاهات والآراء يجب أن نفهم ماذا يراد بالتجديد.؟. لقد كان السلف يريدون بالتجديد معنى خاصاً بنوه على قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) (2). وقد فسروا التجديد – في غالب أقوالهم – بإحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما. أي بإماتة البدع وتجريد الدين عنها.
وفي اللغة استعمل تجديد الشيء بمعنى تصييره جديداً (3). أي بإعادة نضارته ورونقه وبهائه إليه، كدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في المجالات العقدية، وعمل شيخ الإسلام ابن تيمية في مجال الاجتهادات.
غير أن التجديد استعمل في هذا العصر بمعان متعددة، بعضها يعود إلى ما ذكرناه، وبعضها لا يتلاءم مع المعنى المذكور. وقد اختلط الكلام في مسألة التجديد، ودخل في أسماء المجددين من ليسوا منهم، وفي أسماء الموضوعات ما هو من موضوعات أخر. فبعض من يسمونهم مجددين لا يؤمنون بأساسيات الشرع، وبعض المجالات التي قيل في التجديد فيها لا تنطبق عليها الدعوى، وقد نجد من يحاول التوفيق بين الشريعة وواقع المجتمعات، ويفسر ويؤول النصوص بما يتراءى له.
إن الذي يتعلق بموضوعنا هو جانب محدد، وهو ما أطلق عليه التجديد في أصول الفقه. وأصول الفقه المقصود بها، بحسب ما نختاره من التعريفات هي:
القواعد التي يُتَوَصّل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة (4). فأمامنا ثلاثة أمور هي من موضوعات أصول الفقه، وهي:
1 - الأدلة التي هي مصادر الأحكام الشرعية، وينابيعها.
2 - القواعد أو القوانين التي تبين كيفية استنباط الفقه من الأدلة.
3 - المجتهد الذي يستنبط الفقه من الأدلة، بوساطة القواعد المذكورة.
وإذا أخذنا بالمفاهيم الجديدة في معنى التجديد فسنجد أنه سيختلط معناه بمعانٍ غريبة عنه تتردد بين الشذوذ والانحراف وصدق المحاولات. كما سنجد دوافع متعددة ليس في كثير منها دافع التجديد في أصول الفقه بالفعل، بل ربما كان وراء ذلك أغراض ونوايا أخرى اتخذت من أصول الفقه سلّماً للوصول إليها.
وقبل أن نعرض إلى المحاولات الجديدة أو المعاصرة، في هذا المجال، نذكر بعض الآراء التي اشتهرت قبل هذا العصر، والتي نعتها جمهور العلماء بالشذوذ أو الانحراف:-
¥