قال ابن القيم ([114]): (قد أعاذ الله أمير المؤمنين من هذا الكلام الباطل الذي لا يصح عنه أبداً. قال الإمام أحمد: لا يصح ذلك عن عمر).
وروى الدارقطني ([115]) عن عمر رضي الله عنه أنه قال لفاطمة رضي الله عنها: (إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله r وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة) لا تخرجوهن من بيوتهن ({الطلاق 1} الآية.
قال الدارقطني: ولم يقل فيه وسنة نبينا.
وروى الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن الخليل الحضرمي قال ذكر لعمر بن الخطاب قول فاطمة بنت قيس أن رسول الله r لم يجعل لها السكنى ولا النفقة فقال عمر لا ندع كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة.
قال الدارقطني: الحسن بن عمارة متروك.
وفي سنن الدارقطني ([116]) أن: (عمر قال: لا ندع كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة المطلقة ثلاثاً لها السكنى والنفقة)
قال الدارقطني: أشعث بن سوار ضعيف الحديث ورواه الأعمش عن إبراهيم عن الأسود ولم يقل وسنة نبينا وقد كتبناه قبل هذا والأعمش أثبت من أشعث وأحفظ منه.
3 - روى البخاري في صحيحه ([117]) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما لفاطمة،ألا تتقي الله؟ يعني في قولها: لا سكنى ولا نفقة.
وفي صحيحه ([118]) - أيضاً - عنها: قالت: إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها فلذلك أرخص لها النبي r .
4- قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ([119]): (وادعى بعض الحنفية أن في بعض طرق حديث عمر: للمطلقة ثلاثاً السكنى والنفقة).
5 - قال الطحاوي ([120]): (خالفت فاطمة سنة رسول الله r ؛ لأن عمر روى خلاف ماروت …)
6 - قال حماد بن أبي سليمان: أخبرت إبراهيم النخعي بحديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس، فقال لي إبراهيم: إن عمر أخبر بقولها فقال: لسنا بتاركي آية من كتاب الله تعالى، وقول النبي r لقول امرأة لعلها أوهمت. سمعت النبي r يقول: لها السكنى والنفقة ([121]).
7 - قال ابن القيم ([122]): (وأما حديث حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله r يقول: (لها السكنى والنفقة).
فنحن نشهد بالله شهادة نسأل عنها إذا لقيناه أن هذا كذب على عمر رضي الله عنه وكذب على رسول الله r وينبغي أن لا يحمل الإنسان فرط الإنتصار للمذاهب والتعصب لها على معارضة سنن رسول الله r الصحيحة الصريحة بالكذب البحت فلو يكون هذا عند عمر رضي الله عنه عن النبي r لخرست فاطمة وذووها ولم ينبسوا بكلمة ولا دعت فاطمة إلى المناظرة ولا احتيج إلى ذكر إخراجها لبذاء لسانها ولما فات هذا الحديث أئمة الحديث والمصنفين في السنن والأحكام المنتصرين للسنن فقط لا لمذهب ولا لرجل.
هذا قبل أن نصل به إلى إبراهيم ولو قدر وصولنا بالحديث إلى إبراهيم لانقطع نخاعه فإن إبراهيم لم يولد إلا بعد موت عمر رضي الله عنه بسنين).
8 - قال ابن عبدالبر ([123]): (أحاديث فاطمة كلها لم يختلف في أنها لا نفقة لها؛ وإنما اختلف في ذكر السكنى، فمنهم من ذكرها، ومنهم من لم يذكرها ..
وأما الصحابة، فقد اختلفوا ...
منهم من يقول: لها السكني والنفقة. منهم: عمر، وابن مسعود.
ومنهم من يقول: لها السكنى ولا نفقة. منهم: ابن عمر، وعائشة.
ومنهم يقول: لا سكنى لها ولا نفقة. وممن قال بذلك: علي، وابن عباس، وجابر).
وقد اختلف العلماء في حكم نفقة وسكنى المبتوتة كاختلاف الصحابة رضي الله عنهم إلى ثلاثة أقوال ([124]):
الأول: - ليس لها سكنى ولا نفقة. وبه قال الحسن وعطاء بن أبي رباح والشعبي وأحمد وإسحاق.
الثاني: - لها السكنى والنفقة. وبه قال سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه.
الثالث: - لها السكنى ولا نفقة لها. وبه قال مالك بن أنس والليث بن سعد والشافعي.
وبعد هذا الاستعراض الموجز للروايات الواردة في المسألة وأقوال الصحابة و العلماء فيها تبين أن ترك بعض العلماء لرواية فاطمة بنت قيس إنما هو لتعارض روايتها مع رواية عمر بن الخطاب، ولاختلاف ألفاظ حديث فاطمة في ذكر النفقة والسكنى؛ فسبب اختلاف العلماء هو تعارض الروايات والسنن، لاكما يصوره متأخرو الحنفية من أن أبا حنيفة ومن معه من الأئمة قد ردوا خبر فاطمة رضي الله عنها لكونه مخالفاً لكتاب الله.
¥