تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يجوز للسنة أن تنسخ القرآن؟]

ـ[وهج البراهين]ــــــــ[22 - 06 - 03, 04:26 م]ـ

[هل يجوز للسنة أن تنسخ القرآن؟]

- لا يجوز للسنة أن تنسخ القرآن بحالٍ من الأحوال، لأن القرآن مصدر مؤسِّس، والسنة مصدر مبيِّن، والمؤسِّس لا ينسخه إلا مؤسِّس للأحكام مثله. والسنة تبيّن – تفصّل – تشرح توضّح ليس إلا ...

هذا ما أجاب بهع البعض من طلبة العلم فما رأيكم؟

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 06 - 03, 08:31 م]ـ

قال الإمام الشافعي رحمه الله في الرسالة

إن الله خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب

وأنزل عليهم الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وفرض فيهم فرائض أثبتها وأخرى نسخها رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم وبالتوسعة عليهم زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة من عذابه فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ فله الحمد على نعمه

وأبان الله لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب وان السنة لا ناسخة للكتاب وإنما هي تبع للكتاب يمثل ما نزل نصا ومفسرة معنى ما أنزل الله منه جملا

قال الله {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن يكون ابدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم}

فأخبر الله أنه فرض على نبيه اتباع ما يوحى إليه ولم يجعل له تبديله نفسه

وفي قوله {ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي} بيان ما وصفت من أنه لا ينسخ كتاب الله إلا بكتابه كما كان المبتدىء لفرضه فهو المزيل المثبت لما شاء منه جل ثناؤه ولا يكون ذلك لأحد من خلقه

وكذلك قال {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}

وقد قال بعض أهل العلم في هذه الآية والله أعلم دلالة على أن الله جعل لرسوله أن يقول من تلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم ينزل فيه كتابا والله أعلم

وقيل في قوه {يمحو الله ما يشاء} يمحو فرض ما يشاء ويثبت ما يشاء وهذا يشبه ما قيل والله أعلم

وفي كتاب الله دلالة عليه قال الله {ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير}

فأخبر الله أن ننسخ القرآن وتأخير انزاله لا يكون إلا بقران مثله

وقال {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر}

وهكذا سنة رسول الله لا ينسخها إلا سنة لرسول الله ولو أحدث الله لرسوله في أمر سن فيه غير ما سن رسول الله لسن فيما أحدث الله إليه حتى يبين للناس أن له سنة ناسخة للتي قبلها مما يخالفها وهذا مذكور في سنته صلى الله عليه وسلم

فإن قال قائل فقد وجدنا الدلالة على أن القرآن ينسخ القرآن لا أنه لا مثل للقرآن فأوجدنا ذلك في السنة

قال الشافعي فيما وصفت من فرض الله على الناس اتباع أمر رسول الله دليل على أن سنة رسول الله إنما قبلت عن الله فمن اتبعها فبكتاب الله تبعها ولا نجد خبرا ألزمه الله خلقه نصا بينا إلا كتابه ثم سنة نبيه فإذا كانت السنة كما وصفت لا شبه لها من قول خلق من خلق الله لم يجز أن ينسخها إلا مثلها ولا مثل لها غير سنة رسول لأن الله لم يجعل لآدمي بعده ما جعل له بل فرض على خلقه اتباعه فألزمهم أمره فالخلق كلهم له تبع ولا يكون للتابع أن يخالف ما فرض عليه اتباعه ومن وجب عليه اتباع سنة رسول الله لم يكن له خلافها ولم يقم مقام ان ينسخ شيئا منها

فإن قال أفيحتمل أن تكون له سنة مأثورة قد نسخت ولا تؤثر السنة التي نسختها

فلا يحتمل هذا وكيف يحتمل أن يؤثر ما وضع فرضه ويترك ما يلزم فرضه ولو جاز هذا خرج عامة السنن من أيدي الناس بأن يقولوا لعلها منسوخة وليس ينسخ فرض أبدا إلا ثبت مكانه فرض كما نسخت نسخت قبله بيت المقدس فاثبت مكانها الكعبة وكل منسوخ في كتاب وسنة هكذا

فإن قال قائل هل ننسخ السنة بالقرآن

قيل لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي فيه سنة تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الآخرة حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء ينسخ بمثله

فإن قال ما الدليل على ما تقول

فما وصفت من موضعه من الإبانة عن الله معنى ما أراد بفرائضه خاصا وعاما مما وصفت في كتابي هذا وأنه لا يقول أبدا لشيء إلا بحكم الله ولو نسخ الله مما قال حكما لسن رسول الله فيما نسخه سنة

ولو جاز أن يقال قد سن رسول الله ثم نسخ سنته بالقرآن ولا يؤثر عن رسول الله السنة الناسخة جاز أن يقال فيما حرم رسول الله من البيوع كلها قد يحتمل أن يكون حرمها قبل أن ينزل عليه {أحل الله البيع وحرم الربا} وفيمن رجم من الزناة قد يحتمل أن يكون الرجم منسوخا لقول الله {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وفي المسح على الخفين نسخت آية الوضوء المسح وجاز أن يقال لا يدرأ عن سارق سرق من غير حرز وسرقته أقل من ربع دينار لقول الله {السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} لأن اسم السرقة يلزم من سرق قليلا وكثيرا ومن حرز ومن غير حرز ولجاز رد كل حديث عن رسول الله بأن يقال لم يقله إذا لم يجده مثل التنزيل وجاز رد السنن بهذين الوجهين فتركت كل سنة معها كتاب جملة تحتمل سنته أن توافقه وهي لا تكون ابدا إلا موافقة له إذا احتمل اللفظ فيما روي عنه خلاف اللفظ في التنزيل بوجه أو احتمل أن يكون في اللفظ عنه أكثر مما في اللفظ في التنزيل وإن كان محتملا أن يخالفه من وجه

وكتاب الله وسنة رسوله تدل على خلاف هذا القول وموافقة ما قلنا

وكتاب الله البيان الذي يشفي به من العمى وفيه الدلالة على موضع رسول الله من كتاب الله ودينه واتباعه له وقيامه بتبيينه عن الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير