ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[22 - 09 - 03, 02:06 م]ـ
الأخ الحبيب محمد يوسف .. نعم أعرفك وأذكرك وما نسيتك، وما زلت
متابعا للمرحلة الفكرية التي تمر بها، والتي لمست إرهاصاتها منذ
وقت مبكر، وكنت أحذرك من الانسياق وراء النزعات العاطفية في العلم
وأنصحك بالتماس العذر وإحسان الظن ...
أحب أن أركز النقاش في نقطتين فقط:
الأولى: الفرق بين دعاة المذهبية والدعاة لاتباع الدليل (وهو
الوصف الصحيح العدل لهم) ..
الشيخ البوطي حتى وإن علا كعبه في علوم الشريعة فإن تعظيمه لشأنها
مقدوح فيه، وهذه مسالة يجب أن تستحضرها وأنت توازن بين أقاويل
أهل العلم، فالمعتزلة كان عنهم فقه وبصيرة بفروع الشريعة ايضا
ولكن لماذا مات فقههم واضمحلت أقاويلهم؟؟؟ لأنها تباعدت الوحي
المطهر فخفت نورها بل بهت ...
وهكذا البوطي عفا الله عنه، معروف بعدائه لأهل السنة، بل حتى للإخوان
المسلمين، ومعروف بتقربه من العلوية النصيرية حكام سوريا، حتى
إنه بكى على الأسد حين وفاته ودفنه ورثاه بكلمات يندى لها الجبين،
وماذا عسى البوطي يفعل في سدة المسشارية الرئاسية منذ أيام الأسد
حتى ابنه الآن في حين كل السلفيين بل والأخوان في سوريا مطاردون
مغيبون ... ولقد كان البوطي يلقي محاضراته من خلال التلفاز السوري
في حين كان الشيخ الألباني لا يجد له مسجدا أو جامعة يدرس فيها
علمه الذي طبق الآفاق ...
وقس على ذلك كل دعاة المذهبية، ولن أبتعد معك إذا قلت إن دعاة
المذهبية كانوا السبب الأصيل في دخول العلمانية والقوانين الأوربية
إلى البلاد الإسلامية، فهام هم علماء المذهبية في مصر أيام الاحتلال
الفرنسي، أمثال الشرقاوي وغيرهم دكت خيول الفرنسيس الجامع الأزهر
فماذا فعل الدراويش؟ قالوا: يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف،
كما يروي الجبرتي!
وقد درس لنا في الأزهر علماء وفحول، تراهم ينافحون عن المذهب
منافحة شديدة، فإذا ما جاءت مسألة على خلاف مذهبهم ولكن الهوى
معها، رحلوا بهواهم إليها.
وأنا أوردت لك أمثلة في الصميم لم ترد عليها، ولا يستطيع مثل البوطي
أن يرد عليها، مثل الفتوى على القديم في المذهب الشافعي خلاف
الجديد، لماذا؟؟؟ وما المرجح؟؟؟ وإذا قلت لي إن النووي
والرافعي أعلم بالمذهب مني، سأقول لك: إذن انت تقلد النووي
والرافعي وليس الشافعي!!!
وهذا لعمر الله هو الواقع ...
والذي استغربه مني الأخ محب الشناقطة هو المستغرب، فإن كنت تنكر
يا محب الشناقطة أن محك النزاع بين المذهبيين هم لفظ المتن والشرح
والحاشية فليفرد للمسألة موضوعا وآتيه بما تقر عينه ...
هل تنكر يا محب الشناقطة أن حركة التأليف في الفقه المالكي توقفت
بعد القرن الخامس الهجري، وصارت موفوقة على ما أثر عن خليل
وبعض الشروح؟؟؟ وما أحدثك به إنما أحدثك عن خبرة خبير في المذهب
المالكي بل والتراث المالكي والمغربي كله سيدنا وشيخنا محمد بو خبزة
علامة المغرب وسادن مخطوطاتها بعد العلامة المنوني رحمه الله ...
كان يقول لنا: إن المغاربة لم يعرفوا الشرع إلا من خلال مختصر
خليل، وهم في غيبة عن أدلة الشرع، ولا يقرأون القرآن إلا في
المياتم، ولا الأحاديث إلا للتبرك .. هل تنكر هذا؟؟
وقل لي بالله عليك يا محب الشناقطة: ماذا فعل الشناقطة غير نظم المتون
وحفظها وحفظ القرآن والسنة وحفظ المذاهب والأقاويل ... أين الإبداع
والاستنباط والاستخراج؟؟؟ ولن أستثني إلا القليل ممن اعتصم بهدى الكتاب
والسنة فعلا ذكره ونبه شأنه ..
وفي هذه لن أطيل (مع أنها تحتاج للإطالة)
والمقصود أن المذهبية والمذهبيون لا اعتصام لهم بهدي الكتاب والسنة
وستعرفهم في لحن القول، أخي محمد قارن مقارنة واسعة، ولا تأخذ
أخطاء بعض العلماء والدعاة وتجعلها في المحك، دقق نظرتك في كل
دعاة المذهبية أو غالبهم ستجدهم على أبواب السلاطين، دقق في ملابسهم
دقق في كلامهم دقق في آدابهم، دقق في بيوتهم وأسرهم، ستعرف
الخبر اليقين، أما أتباع الكتاب والسنة والدليل الصحيح الرجيح
فستجد بركة اتباعهم ماثلة في حياتهم بل في تفاصيل حياتهم، وهذا
لعمر الله بركة الاتباع ...
ومن هذه نعلم أخي الحبيب أن قضية المذهبية ليست مجرد قضية فقهية
أثرها في البحث الفقهي فقط، بل إنها قضية منهج حياة ترى غبها
ونتاجها في الحياة وفي تفاصيل الممارسة ...
¥