ـ[إبراهيم مسعود]ــــــــ[29 - 10 - 08, 01:13 ص]ـ
**
قال الشيخ/ عبد الرحمن الفقيه ... حفظه الله:
أما ما ذكرته عن شيخ الإسلام ابنتيمية رحمه الله فقد نص على رواية الغرانيق
وكلامه واضح عندالتأمل، وأما النقل الذي ذكرته حفظك الله فلا يعارض قوله السابق، فقد يترددالعالم أو يحتاط أحيانا في موضع ويجزم في مواضع أخرى، فلا يبقى تعارض حينئذ.
هل تردد ابن تيميه أو احتاط في موضع ثم جزم في مواضع أخرى؟
لا يجد القاريء لما كتبه ابن تيميه أنه تردد ..
بل كتب ما كتبه في أكثر من موضع ...
في مجموع فتاويه في أكثر من فتوى، وفي منهاج السنة كما نقلت لنا حفظك الله، وفي الجواب الصحيح ..
فيها جميعاً عرض الرأيين لعلماء المسلمين.
لكن لما أبان عن رأيه .. كان برفض أن يكون سجود المشركين بسبب الغرانيق ...
بل بتضعيف هذا القول في معرض رده على ابن بطال.
ليس ابن تيميه وحده .. بل والبخاري أيضاً.
ونوجز الأمر:
البخاري استدل على جواز السجود للتلاوة من غير وضوء بحديث ابن عباس
"سَجَدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالنَّجم، وسجدَ معهُ المسلمونَ والمشركونَ والجنُّ والإِنس"
...
واحتج به لابن عمر رضى الله عنهما الذي كان لا يرى وجوب الوضوء.
ما دليل البخاري؟
حديث "سَجَدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالنَّجم، وسجدَ معهُ المسلمونَ والمشركونَ والجنُّ والإِنس"
قال البخاري: باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء، وكان ابن عمر رضى الله عنهما يسجد على غير وضوء.
ما وجه الاستدلال؟
قال ابن رشيد:
مقصود البخاري تأكيد مشروعية السجود لأن المشرك قد أقر على السجود وسمى الصحابي فعله سجوداً مع عدم أهليته
فالمتأهل لذلك أحرى بأن يسجد على كل حالة.
ويؤيده أن في حديث ابن مسعود أن الذي ما سجد عوقب بأن قتل كافر.
الفتح: باب سجدة النجم .. وباب سجود المسلمين مع المشركين ..
كتاب سجود القرءان - المجلد الثاني.
وماذا يفهم من ذلك؟
أن البخاري لم يكن يرى أن هؤلاء المشركين سجدوا بسبب الغرانيق وشفاعتها التي ترجى .. .
وإنما كان سجودهم لما سمعوا الآية (فاسجدوا لله واعبدوا)
فالبخاري ليس فقط روى الحديث الذي فيه أن سجود الناس مشركهم ومسلمهم وجنهم وإنسهم إنما كان لله ..
بل واستخرج منه أحكاماً شرعية كذلك.
ولو كان سجود المشركين للغرانيق ما استدل به البخاري.
ولو كان سجودهم للغرانيق ما عوقب الممتنع عن السجود برفع الحصى إلى وجهه ...
بل كان ينبغي أن يعاقب الذين سجدوا.
اعتراض ابن بطال
اعترض ابن بطال على البخاري وقال:
إن أراد البخاري الاحتجاج لابن عمر بسجود المشركين فلا حجة فيه لأن سجودهم لم يكن على وجه العبادة وإنما كان لما ألقى الشيطان.
الفتح: باب سجود المسلمين مع المشركين.
إذن عند ابن بطال سجود المشركين لم يكن لله (كما رأى البخاري) ولكن لما سمعوا الغرانيق.
ما قول ابن تيمية؟
قال: (يقال هذا ضعيف ... )
ما هذا الضعيف أيها الإمام؟
قول ابن بطال بسجود المشركين للغرانيق.
لم؟
قال ابن تيميه: ( .. فإن القوم إنما سجدوا لما قرأ النبي أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا
فسجد النبي ومن معه إمتثالا لهذا الأمر وهو السجود لله والمشركون تابعوه في السجود لله)
كلام بيّن جليّ ... ابن تيميه يضعف كلام ابن بطال أن السجود كان للغرانيق ..
ابن تيميه يرى أن السجود لما سمعوا فاسجدوا لله واعبدوا.
ابن تيميه يرى أن سجودهم لله لأنهم كانوا يعرفون الله ويعبدونه لكن يشركون في عبادته.
قال:
(والمشركون ما كانوا ينكرون عبادة الله وتعظيمه ولكن كانوا يعبدون معه آلهة أخرى كما أخبر الله عنهم بذلك
فكان هذا السجود من عبادتهم لله وقد قال: سجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس)
ثم يؤكد أنهم سجدوا لله وأنهم يثابون في الدنيا.
(فالكفار قد يعبدون الله وما فعلوه من خير أثيبوا عليه في الدنيا)
....
و .... (في الآخرة وإن ماتوا على الإيمان)
.....
هذا هو رأي ابن تيميه الذي جزم به ودافع عنه ورد فيه على المخالف القائل أن الغرانيق هي التي جعلت المشركين يسجدون على زعم هذه القصة.
ومن قبل ابن تيميه رحمه الله .. الإمام البخاري في إيراد الحديث واستدلاله به ...
¥