تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يقبل إلا الفتوى، ويظهر لك بهذا أيضا تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقع هل هو من باب الفتوى أو من باب القضاء، والإنشاء، وأيضا يظهر أن إخبار الحاكم عن نصاب اختلف فيه أنه يوجب الزكاة فتوى، وأما أخذه للزكاة في مواطن الخلاف فحكم، وفتوى من جهة أنه تنازع بين الفقراء. والأغنياء في المال الذي هو مصلحة دنيوية، ولذلك أن تصرفات السعاة، والجباة في الزكاة أحكام لا ننقضها، وإن كانت الفتوى عندنا على خلافها، ويصير حينئذ مذهبنا، ويظهر بهذا التقرير أيضا سر قول الفقهاء إن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا ينقض، وأنه يرجع إلى القاعدة الأصولية، وتصير هذه الصورة مستثناة من تلك الأدلة العامة كاستثناء المصراة، والعرايا، والمساقاة، وغيرها من المستثنيات، ويظهر بهذا أيضا أن التقريرات من الحكام ليست أحكاما فتبقى الصورة قابلة لحكم جميع تلك الأقوال المنقولة فيها قال صاحب الجواهر ما قضى به من نقل الأملاك، وفسخ العقود فهو حكم فإن لم يفعل أكثر من تقرير الحادثة لما رفعت إليه كامرأة زوجت نفسها بغير إذن وليها فأقره وأجازه ثم عزل، وجاء قاض بعده قال عبد الملك ليس بحكم، ولغيره فسخه. وقال ابن القاسم هو حكم لأنه أمضاه، والإقرار عليه كالحكم بإجازته فلا ينقض، واختاره ابن محرز، وقال إنه حكم في حادثة باجتهاده، ولا فرق بين أن يكون حكمه فيه بإمضائه أو فسخه أما لو رفع إليه هذا النكاح فقال أنا لا أجيز هذا النكاح بغير ولي من غير أن يحكم بفسخ هذا النكاح بعينه فهذه فتوى، وليست بحكم أو رفع إليه حكم بشاهد ويمين فقال أنا لا أجيز الشاهد واليمين فهو فتوى ما لم يقع حكم على عين الحكم قال ولا أعلم في هذا الوجه خلافا قال وإن حكم بالاجتهاد فيما طريقه التحريم والتحليل، وليس بنقل ملك لأحد الخصمين إلى الآخر، ولا فصل خصومة بينهما، ولا إثبات عقد، ولا فسخه مثل رضاع كبير فيحكم بأنه رضاع محرم. ويفسخ النكاح لأجله فالفسخ حكم، والتحريم في المستقبل لا يثبت بحكمه بل هو معرض للاجتهاد أو رفعت إليه امرأة تزوجت في عدتها ففسخ نكاحها، وحرمها على زوجها ففسخه حكم دون تحريمها في المستقبل، وحكمه بنجاسة ماء أو طعام أو تحريم بيع أو نكاح أو إجارة فهو فتوى ليس حكما على التأبيد، وإنما يعتبر من ذلك ما شهده، وما حدث بعد ذلك فهو موكول لمن يأتي من الحكام والفقهاء فظهر أيضا من هذه الفتاوي، والمباحث أن الفتوى والحكم كلاهما إخبار عن حكم الله تعالى، ويجب على السامع اعتقادهما، وكلاهما يلزم المكلف من حيث الجملة لكن الفتوى إخبار عن الله تعالى في إلزام أو إباحة، والحكم إخبار معناه الإنشاء والإلزام من قبل الله تعالى وبيان ذلك بالتمثيل أن المفتي مع الله تعالى كالمترجم مع القاضي ينقل ما وجده عن القاضي، واستفاده منه بإشارة أو عبارة أو فعل أو تقرير أو ترك، والحاكم مع الله تعالى كنائب الحاكم ينشئ الأحكام، والإلزام بين الخصوم، وليس بناقل ذلك عن مستنيبه بل مستنيبه قال له أي شيء حكمت به على القواعد فقد جعلته حكمي فكلاهما موافق للقاضي، ومطيع له، وساع في تنفيذ مواده غير أن أحدهما ينشئ، والآخر ينقل نقلا محضا من غير اجتهاد له في الإنشاء كذلك المفتي، والحاكم كلاهما مطيع لله تعالى قابل لحكمه غير أن الحاكم منشئ، والمفتي مخبر محض، وقد، وضعت في هذا المقصد كتابا سميته الإحكام في الفتاوى والأحكام، وتصرف القاضي، والإمام، وفيه أربعون مسألة في هذا المعنى، وذكرت فيه نحو ثلاثين نوعا من تصرفات الحاكم ليس فيها حكم، ولنقتصر هنا على هذا القدر في هذا الفرق.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير