ومبحث الحاكم من المباحث الأصولية التي يوضح فيها من تصدر عنه الأحكام الشرعية، ثم يوضع فيه إجمالا مكان العقل البشرى من التشريع. أما مكان العقل من التشريع تفصيلا فله مباحث أخرى معنونة بعناوين خاصة تأتى في الفقرات التالية. فالحكم الشرعي لابد له من مصدر ينطلق منه ومن هنا جاء مبحث الحاكم تاليا لمبحث الحكم.
4) التكليف والمكلف:
عندما يصدر الحكم من الحاكم فإنه يتطلب من يكلّف به لتطبيقه وتنفيذه. من أجل هذا ارتبط مبحث التكليف وحدوده بمباحث الأصول لأنه متفرع عن الحكم. وكذلك المكلَّف (بفتح اللام) معرفته ترتبط بمبحث الحكم. ومن هنا كانت له أهميته بين مباحث علم الأصول.
ه) أفعال العباد:
وهى ما يشير إليها الأصوليون بالمحكوم فيه. وهو مرتبط بمبحث التكليف. ويمكن أن يكوّنا معاً مبحثا واحداً، لأن حدود التكليف. والأفعال التي يكلف الله بها عباده أمر يكاد يكون واحداً، ومن نقاط مبحث أفعال العباد صفات الأفعال؛ أي أفعال الناس وحسنها وقبحها العقليين، واتفاق واختلاف تلك الصفات مع أحكام الشريعة، من واجب وحرامٍ الخ ولقد درج بعض الكتاب في أصول الفقه أن يشيروا إلى أن هناك أبحاثاً دخلت ميدان الأصول وهى ليست منه، ويضربون مثلا لذلك بمبحث صفات أفعال العباد من حسن وقبح عقليين وما يتعلق بذلك. ولاشك أن أفعال العباد من الجانب الذي بحثها منه الأصوليون من المباحث الهامة في هذا العلم، ولم يدخله علماؤنا المتقدمون في هذا الميدان إلا بعد إدراكهم لخطورة هذا الموضوع بالنسبة لعلم الأصول. إدراكهم أنه يتعلق تعلقا وثيقاً بعلل الأحكام، ومدى اتفاق الشرع والعقل في علة الحاكم وتأثير ذلك في الحكم، وهل يدرك العقل الحكم بإدراكه لصفات الأفعال من غير معاونة الشرع، وهل يترتب على ذلك شيء في الآخرة، إلى غير ذلك من النقاط الهامة التي لها اتصال مباشر بالحكم الشرعي [21].
6) تعليل الأحكام:
هذا من المباحث الأصولية التي لها أهمية قصوى. وقد درج العلماء على مناقشة هذا الموضوع وعرضه أثناء عرضهم لباب القياس على أساس أن هذا الموضع هو ركن من أركان القياس. ولا شك أنه ركن من أركان القياس ولكن لو نظرنا إلى تعليل الأحكام لوجدناه يرتبط بالمصالح عموماً. كما أن الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة منها ما له علله ومقاصده التي ينبغي أن تعرف حتى إذا لم نكن محتاجين لاستخدام القياس في موضوعها. ويرتبط موضوع التعليل أيضا بموضوع تحديد أهداف الشريعة العامة. وسنفرد للأهداف بندا خاصا من بين بنود هذه المباحث. ويرتبط مبحث تعليل الأحكام بمباحث الأسباب والشروط والموانع الخ [22].
وب
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[09 - 03 - 04, 10:09 ص]ـ
[1] المستصفى جـ1 ص4 - 5.
[2] توفي أبو الحسين البصري في ربيع الآخر سنة 436هـ (أنظر وفيات الأعيان)
[3] توفي عبد الجبار بن أحمد في عام 415هـ
[4] المعتمد، جـ1 ص9. الذين كتبوا في الأصول على طريقة الحنفية [4] وسنورد هنا التعريف الذي أورده البزدوى [4] لأن البزدوى من أهم العلماء الذين كتبوا في الأصول على هذه الطريقة، وقد اعتمد عليه المتأخرون من علماء المدرسة الحنفية في كتابتهم في أصول الفقه. على الرغم من أنه كان مسبوقا بعدد من علماء الأحناف الذين كتبوا في الأصول، وكان أسبقهم أبو الحسن الكرخي [4] الذي ألف رسالة في الأصول ذكر فيها الأصول التي عليها مدار فقه الأحناف. ولكنه لم يضع تعريفا محددا لعلم أصول الفقه كما وضعه البزدوى.
[5] كانت الكتابة في الأصول الفقه في القديم على طرقتين، طريقة الشافعية وطريقة الأحناف، ثم اندمجت الطريقتان فيما بعد كما سنوضح ذلك في فصل خاص.
[6] توفي سنة 482هـ
[7] توفي ببغداد سنة 340هـ.
[8] أصول البزدوي جـ1 ص19 - 20 الخ.
[9] توفي سنة 478 هـ
[10] االمستصفى جـ1 ص4.
[11] روضة الناظر ص4.
[12] التحرير وشرحه جـ1 ص24.
[13] توفي سنة 790هـ.
[14] الموافقات جـ3 ص24 - 25 الخ.
[15] أصول الفقه لخلاَّف ص12.
[16] أصول الفقه لأبي زهرة ص7.
[17] قوله إليه الضمير راجع إلى الفقه.
[18] توفي سنة 793 هـ
[19] التلويح على التوضيح
[20] أمر الغزالي، المستصفى جـ 1ص 4 - 5.
[21] أنظر الآمدى. الأحكام جـ3 ص 102الخ
[22] أنظر الغزالي المستصفى جـ1 ص8
[23] أنظر الغزالي جـ1 ص9