[ما الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية؟ فقد سمعنا أنها تتداخل.]
ـ[الجود]ــــــــ[26 - 03 - 04, 04:34 م]ـ
العنوان الفرق بين القواعد الأصولية والفقهية
المجيب أحمد بن عبدالرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف أصول الفقه /القواعد الفقهية
السؤال
ما الفرق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية؟ فقد سمعنا أنها تتداخل. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن القواعد الفقهية والقواعد الأصولية بينهما قدر من التشابه، وهذا القدر من التشابه هو الذي جعل بعض الناس لا يستطيع أن يميز بينهما، ووجه التشابه بينهما: أن كلا منهما عبارة عن قواعد يندرج تحتها عدد من الفروع والجزئيات، إضافةً إلى أن كلا من القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية خادمة للفقه، سواءٌ كانت خادمةً للفقه مباشرة وهي القواعد الفقهية، أو موصلةً إلى معرفة الأحكام الفقهية بطريق استنباط الأحكام وهي القواعد الأصولية.
أما الفرق بينهما؛ فقد نبه عدد من العلماء على الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية، ومن أبرز ما قيل في ذلك ما ذكره شهاب الدين القرافي -رحمه الله- (ت:684هـ) في مقدمة كتابه النافع: الفروق، حيث قال: " ... أما بعد، فإن الشريعة المحمدية زاد الله تعالى منارها شرفاً وعلوًّا، اشتملت على أصول وفروع، وأن أصولها قسمان:
أحدهما: المسمى أصول الفقه، وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية خاصة، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح، ونحو الأمر للوجوب والنهي للتحريم، والصيغة الخاصة للعموم ونحو ذلك، وما خرج عن هذا النمط إلا كون القياس حجة وخبر الواحد وصفات المجتهدين.
والقسم الثاني: قواعد كلية فقهية، جليلة، كثيرة العدد، عظيمة المدد، مشتملة على أسرار الشرع وحِكَمِهِ، لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى، ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه، وإن اتفقت الإشارة إليه هنالك على سبيل الإجمال فبقي تفصيله لم يتحصل ". (الفروق1/ 5 - 6).
وكذلك ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (ت:728هـ)، حيث قرر أن القواعد الأصولية هي: الأدلة العامة، والقواعد الفقهية هي: الأحكام العامة. (مجموع الفتاوى29/ 167).
ومن خلال كلام هذين الإمامين وغيرهما يمكننا إيضاح الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية في النقاط الآتية:
1 - أن القواعد الأصولية- في غالبها- ناشئة عن الألفاظ العربية وما يعرض لها من نسخ وترجيح وعموم وخصوص وأمر ونهي وما إلى ذلك، مثل: قاعدة: (الجمع أولى من النسخ)، وقاعدة: (الأمر المطلق يقتضي الوجوب). أما القواعد الفقهية فإنها تنشأ من الأدلة الشرعية أو من استقراء الأحكام، وذلك بتتبع الأحكام الواقعة على أفعال المكلفين في الفقه، وبذلك تجتمع الفروع مع أشباهها تحت قاعدة واحدة، مثل: قاعدة: (المشقة تجلب التيسير)، وقاعدة: (التابع تابع).
2 - أن القواعد الأصولية سابقة للجزئيات والفروع الفقهية من حيث الوجود الذهني والواقعي؛ لأن المجتهد ينطلق في استنباطه للأحكام من تلك القواعد الأصولية، أما القواعد الفقهية فهي متأخرة عن الجزئيات والفروع الفقهية؛ لأنها في الغالب عبارة عن مجموعة من القواعد والضوابط التي تجمع الأحكام المتشابهة، وما كان كذلك فإنه يكون متأخراً من حيث الوجود الذهني عن الفروع الفقهية.
3 - أن القواعد الأصولية لا يفهم منها أسرار الشرع وحِكَمِهِ؛ لأنها تركز على جانب الاستنباط، وتلاحظ جوانب التعارض والترجيح، وهذه القواعد وما شابهها لا يفهم منها شيء من أسرار الشرع ومقاصده، أما القواعد الفقهية، فإنه يفهم منها ذلك، كما نبه إلى ذلك شهاب الدين القرافي، فمثلاً قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" يفهم منها أن دفع الضرر ورفعه من مقاصد الشريعة، وهكذا.
4 - أن القواعد الأصولية تتعلق بالأدلة، ولذلك فإن المجتهد والفقيه هما اللذان يستعملانها في عملية استنباط الأحكام الشرعية من أدلة الكتاب والسنة، أما القواعد الفقهية فإنها تتعلق بأفعال المكلفين، ولذلك فإن استعمالها ليس مقتصراً على الفقهاء والمجتهدين؛ بل يستعملها عموم الناس.
¥