تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و أما أدلة الإجماع في كتب الأصول فقد قرأتها كلها و لا حجة فيها .. و الله الموفق ..

و الإجماع لا يخلو إما أن يكون قطعي أو ظني فالإجماع القطعي هو الإجماع المبني على النص فنحن نقول به للنص، والإجماع يعضد الإستدلال به لا غير إذ لنفترض أن الإجماع لم يقع على هذا النص لكان النص بنفسه قاطعا في المسألة و كما قال الأخ المفضال مبارك أن هذا النوع من الإجماع لا يقوم إلا على ((المعلوم من الدين بالضرورة)) – على تحفظ على هذه التسمية من الناحية العلمية – مثل وجوب الصلوات الخمس و صوم رمضان و حج البيت و أن الخمر حرام و أمثال هذه القطعيات .. و إما أن يكون الإجماع ظني و هو الذي لم يبنى على نص و هو في الغالب إجماع سكوتي و هذا لا حجة فيه و قد أجاد في رده الإمام ابن حزم في الإحكام و كذا العلامة الشوكاني فراجع كلامه فإنه مهم .. و أما أن وجود الإجماع على نسخ العمل بحديث ما يدل على أنه يوجد ناسخ و لكنه لم يصل لنا .. فهذا محض افتراء على الله تعالى و تقول بدون دليل .. و إلا فالسنة محفوظة و الله تكفل بحفظ الناسخ و المنسوخ .. و لم يقل لنا أنه سيحفظه عن طريق الإجماع .... و قد قال تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} .. و الله الموفق لما فيه الخير و السداد ..

و أما أنه لم يقل بحجية الإجماع إلا الإمامية و بعض الخوارج ... الذي فهمته أنهم لا يقولون بالإجماع ليس في تشريع الأحكام و لكنهم حتى إذا أجمع العلماء كإجماع الصحابة مثلا ً على فهم نص معين على وجه معين (استدلال) فإنهم لا يرون هذا بل يستقلون بآرائهم .. و من هنا افترقنا معهم ..

وممن أنكر أن يستقل الإجماع على الصورة التي أنكرتها – على ما بينه لك أخي مبارك –جماعة من أهل العلم منهم الإمام الشوكاني و أبي النصر بن صديق حسن خان و أظن أن الشيخ صديق حسن خان يقول بهذا وكذا أئمة الظاهرية و خصوصا ً الجهبذ الهمام ابن حزم الأندلسي، و أما الإمام أبو سليمان داود الظاهري فوجدت أنه يقول بإجماع الصحابة و لا أدري حقا هل ذهب إلى هذا الذي قررناه أم إلى ماذهب إليه الجمهور .. و لعلي أتقصى مذهب الإمام في الأيام القادمة و إن كنت أكاد أجزم أن هذا رأيه لمعرفتي بفقه الإمام ... ومن المعاصرين: بلغني – بل و قرأت في أحد كتبه – أن الشيخ مقبل بن هادي الوادعي يقول بهذا .. و هو للعلم من ظاهرية العصر ... و هذا أمر غير معروف عنه كثيرا ً ربما لاشتغال الشيخ بالحديث ... و الحق أحق أن يتبع .. و لا تغتر بكثرة القائلين ..

و أما أخي العزيز مبارك فكلامه جيد و شرحه يبين مقصوده تماما ً و هو يتفق معي – بارك الله فيه – في أنه لا حجية للإجماع .. و لكنه ذكر في أول سطر أنه هو المصدر الثالث من مصادر التشريع و هذا خطأ .. لأنه لو كان مصدرا من مصادر التشريع لجاز له أن يستقل – و هذا ما نفاه العزيز مبارك - و هذا ما فهمه تماما ً أرباب المذاهب فقد فهموا أن الإجماع و القياس هما ثالث و رابع مصادر التشريع و بالتالي صرت ترى في كتب أصول الفقه هذيان عجيب من تخصيص الحديث بالقياس و من القياس على الإجماع ... و هذا الهراء مبثوث في كتب أصول الفقه .. و لا أكلفكم بأكثر من كتاب اللمع للإمام الشيرازي فإن نصفه الثاني مليء بهذا حتى أنك ما إن تقرأ النصف الأول فتشعر بالمتعة العلمية و الأصولية مع رجل من أرفع الأصوليين حتى تصل إلى النصف الثاني من الكتاب فترى العجب العجاب مما ذكرته .. فالله الله في الرجوع إلى الكتاب و السنة و نبذ ما عداهما ... و نحن ندعي أننا أتباع السلف فلننظر إلى الأئمة كسفيان بن عيينة و ابن المبارك و الزهري و غيرهم ممن قبلهم من الصحابة و التابعيين هل كانوا يقولون بهذا بحجية هذا الإجماع المزعوم أم أنهم كانوا لا يعرفون إلا الكتاب و السنة و فهم الصحابة لهما ... فهذا هو أصل الشجرة الذي ينبغي أن نعض عليه بالنواجذ .. و الله الموفق ..

قال الإمام ابن حزم في كتابه الإحكام:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير