تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصائم فقال له: أرأيت لو تمضمضت فهذا اشارة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى قياس (القبلة على المضمضة) بجامع أن القبلة مقدمة الجماع والمضمضة مقدمة للشرب فكل منهما مقدمة الافطار وليس بافطار ومحل كون القبلة كالمضمضة اذا كان صاحبها لا يخرج منه شيء أما اذا كانت القبلة تخرج منه شيئاً فهو كالذي اذا تمضمض ابتلغ شيئاً من الماء فحكمه حكمه.

وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث ثابتة متعددة في الصحيحين أنه سأله رجل مرة وامرأة مرة أنهما سألاه عن دين يقضيانه عن ميت لهما، مرة تقول مات أبي ومرة تقول أمي وكذلك الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان ينفعه؟ قالت: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى فهو تنبيه منه صلى الله عليه وسلم على قياس دين الله على دين الآدمي بجامع أن الكل حق مطالب به الانسان وأنه يقضي عنه بدفعه لمستحقه. وأمثال ذلك كثيرة.

ومن أصرحها ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل، كان الرجل أبيض وامرأة بيضاء فولدت له غلاماً أسود فأصاب الرجل فزعاً من سواد الغلام وظن أنها زنت برجل أسود وجاءت بهذا الغلام فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم منزعجاً وأخبره بأنها جاءت بولد أسود وكان يريد أن يلاعنها وينفي عنه الولد باللعان زعماً أن هذا الولد من زان أسود وأنه ليس ولده لأنه هو أبيض وزوجته بيضاء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من ابل؟ قال: نعم. قال: ما ألوانها؟ قال حمر. قال هل فيها من أورق والأورق المتصف بلون الورقة والورقة يكون لوناً كحمام الحرم يعني سواد مع بياض يكون في الابل. قال الرجل ان فيها لورق. قال ومن أين جاءتها تلك الورقة؟ آباؤها حمر وأمهاتها حمر فمن أين جاءتها تلك الورقة؟ قال: لعل عرقاً نزعها. قال له وهذا الولد لعل عرقاً نزعه. فاقتنع الأعرابي وهذا الحاق نظير بنظير.

وفي الجملة فنظير الحق حق ونظير الباطل باطل،وهذا مما لا شك فيه، وأن القياس منه قياس صحيح لا شك فيه كالأقيسة التي ذكرنا ومنه قياس فاسد، والقرآن ذكر بعض الأقيسة الفاسدة وبعض الأقيسة الصحيحة.

ومن الأقيسة الصحيحة في القرآن قوله تعالى:" ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب وقال له: كن فيكون. لما قال اليهود ان عيسى لا يمكن أن تلده مريم الا من رجل زنا بها فقالوا لها يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً وهذا الولد لابد أن يكون له والد وهذا الوالد رجل فجرتي معه وزنيت به " الله جل وعلا قاس لهم هذا الولد على آدم بجامع أن آدم وجد ولم يكن له أم ولا أب خلق ولم يكن له أم ولا أب، فالذي خلق آدم ولم يكن أب ولا أم فهو قادر على أن يخلق عيسى من أم ولم يكن له أب، كما خلق حواء من ضلع رجل، فالله جل وعلا جعل خلق الانسان قسمة رباعية.

بعض خلقه لا من ذكر ولا أنثى وهو آدم، وبعض خلقه من أنثى دون ذكر وهو عيسى بن مريم وبعض خلقه من ذكر دون أنثى وهي حواء لأن الله يقول: " خلقكم من نفس واحدة وهي آدم وخلق منها زوجها ".

والقسم الرابع خلقه من ذكر وأنثى فقاس عيسى بآدم بجامع أن الذي أوجد آدم بقدرته يوجد عيسى بقدرته. وأمثال هذا كثيرة.

وكذلك قاس الموجودين زمن النبي صلى الله عليه وسلم على الأمم الماضية وقال لهم " أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم " ثم بين الحاق النظير بالنظير فقال: وللكافرين أمثالها، كأن الموجودين زمن النبي فرع والكفار المتقدمون أصل، والحكم الذي يهددون به العذاب والهلاك والعلة الجامعة تكذيب الرسل والتمرد على رب العالمين.

وأمثال ذلك في القرآن كثير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير