ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[23 - 10 - 04, 05:11 م]ـ
- بسم الله الرحمن الرحيم -
- نعم إن القواعد الفقهية وحدها لا تكفي للاستدلال بها على الأحكام، بل لا بد من التعضيد بأدلة أخرى جزئية، غير التي استنبطت منها تلكم القواعد، كما استدل بها الشيخ أبو خالد - وفقه الله - في مسألة الشك في الطلاق، وإنما تحتاج إلى دليل آخر جزئي يقوى ذلكم الاستدلال.
- بل إن الاستدلال ببعض القواعد لا يصح في بعض المواطن، كالمثال الوالي ذِكرُه:
حديث مالك بن الحويرث، وأبي حميد الساعدي في جلسة الاستراحة، فحسب قاعدة "المثبت مقدم على النافي" صار الحديثان قائمين في الدَّلالة على استحباب جلسة الاستراحة. لكن، لمَّا كانت هذه المسألة من الأمور المنبغي شهرتها بين الصحابة وخصوصا أصحاب الصف الأول والثاني منهم، ومع ذلكم لم ينقلوها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان ذلكم هديَه لفعلها على سبيل الدوام ولم يفعل، فلذلكم جعلنا الأصل في هذه الجِلسة عدم الاستحباب، وإنما يكون مُؤَدّى الحديثين هو الجواز للحاجة،
- يقول ابن القيم رحمه الله في الزاد (1/ 241) " واختلف الفقهاء فيها هل هي من سنن الصلاة فيستحب لكل أحد أن يفعلها أو ليست من السنن وإنما يفعلها من احتاج إليها على قولين هما روايتان عن أحمد رحمه الله قال الخلال رجع أحمد إلى حديث مالك ابن الحويرث في جلسة الإستراحة وقال أخبرني يوسف بن موسى أن أبا أمامة سئل عن النهوض فقال على صدور القدمين على حديث رفاعة وفي حديث ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه وقد روي عن عدة من أصحاب النبي وسائر من وصف صلاته لم يذكر هذه الجلسة وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرت ولو كان هديه فعلها دائما لذكرها كل من وصف صلاته ومجرد فعله لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة إلا إذا علم أنه فعلها على أنها سنة يقتدى به فيها وأما إذا قدر أنه فعلها للحاجة لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة"
- إذن أبقينا قاعدة استصحاب الحال، وقاعدة: "الأصل بقاء ما كان على ما كان" لأن قاعدة " المثبت مقدم على النافي" لكون الحافظ حجةً على من لم يحفظ، لم تكن كافية لرفع الحال المستصحَب.
- في حين أن قاعدة "المثبت مقدم على النافي" نفسها كانت (من الكينونة بمعنى وُجدت) من ضمن حجج القائلين بسنية رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه وعند القيام من التشهد الأوسط، وقُدمت أحاديث المثبتين على أحاديث النافين (حديث البراء بن عازب وغيره)، بالإضافة إلى قرائِنَ أخرى من ضعف أحاديث المخالفين، وغيرها.
- في الحقيقة أنه قد تبين لي أن القواعد الخمس الكبرى مطردةٌ، ولا معكِّر لصفائها لأنها جوهر الفقه الإسلامي وعليها مداره، أما القواعد المندرجة تحتها فتحتاج إلى مُعضدات وقرائن كما أسلف إخوتي المشايخ حفظهم الله،
وجزاهم الله على فتح هذا الموضوع.
ـ[الغواص]ــــــــ[24 - 10 - 04, 03:15 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء وأجزل لكم العطاء
وأتمنى من الله أن تعذروني على هذا السؤال:
من المعلوم أن كثيرا من القواعد إنما أخذت سبرا وجمعا من كذا دليل، حتى خلصنا إلى قاعدة "جامعة" ...
فهل تلك القاعدة الجامعة _ المجموعة من كذا دليل _ لم يسبق لها في الشرع أ ي نص شرعي بنفس نصها ... ؟
مما يخولنا أن نقول إن البشر لخصوا قاعدة جامعة
لم نجدها ملخصة في كتاب ربنا الجامع ولا سنة نبينا الذي أوتي جوامع الكلم؟