تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم بعد ذلك لا يضر الطالب أن يخالف كل المذهب حتى لو قلد مذهبا آخر ـ تأمل معي ـ .. حتى لو درس مذهب و قلد آخر فهذا لا يهم .. المهم هو ضبط الدراسة .. فأنا مثلا أدرس المذهب الحنفي .. و حفظت متن المختار و لله الحمد .. إلا أني عند التطبيق أخالفه كثيرا .. و أخالفه في مسائل قد لا أكون نظرت فيها أو اجتهدت .. و قد أخالفه في مسائل لعلمي يقينا أنها غير واقعية أو لن تناسب عصرنا ... لأني أقيم كبير اعتبار للزمان، فأرى أنه (مظهر) لكثير من الأحكام، و لا أقول (مثبت) .. فلا مانع من أن يكون الزمان مظهرا لبعض ما وقع فيه اختلاف الفقهاء قديما، بحيث بدا لنا من تطبيق أحد الأقوال أنه يحقق المقصود الشرعي من الحكم، و يكون قيد بدا لنا بتغير الزمان ما لم يبد لغيرنا من المتقدمين .. حسبكم مذهب الحنفية في إثبات الولد للزوج و إن هو في المشرق و زوجته في المغرب استنادا إلى صحة العقد و إلى إمكان الإنجاب منه بطريق تسخير جني يحمل النطفة!!!!!!

هذه الفتوى تفتح باب الزنى والخيانات الزوجية على مصراعيه .. و أبدا لا أقول بها

و كذلك مسألة عدم جواز بيع النحل إلا بالكوارة .. أخالف فيها المذهب .. لتحقق النفع عندي ببيع النحل منفصلا، و لا أقنع أبدا بتعليل الحنفية المنع بكونه حشرة لا فائدة لها في نفسها!

و غيرها من المسائل التي أخالف فيها المذهب

فأنا لست مشلول العقل حتى آخذ أقوال المذهب دون النظر في تعليلاتهم و دلائلهم .... و لكني يكفيني و أنا دارس للمذهب الحنفي أنني ادرس مذهب إمام معتبر وأنتسب لمدرسة معتبرة، و انني حين أغلب و لا أجد حلا عندي في مسألة فلن أعدم أن أقلد فيها المذهب، و اكون آخذا بقول معتبر له وزنه، فأسلم ـ غالبا ـ من الشذوذ .. تأملوا

و مع ذلك فأنا أعتقد اعتقادا جازما أن فترة التمذهب و التحشية التي غرقت فيها البلاد يوما ما خاصة مصر و الشام .. أعتقد اعتقادا جازما أنها فترة من ظلمة في تاريخ العلوم الشرعية ـ أو الفقه على التحديد ـ و انها فترة تبديل لنعمة العقل الذي وهبه الله تعالى للفقيه؛ فحين كنت أقرا في بعض الحواشي الفقهية لبعض الأزاهرة المتقدمين كنت أتحسر على هذه القوة العقلية و التركيز العالي كيف يضيعا هباءا في فك عبارة أو إشارة لرجل هو بدوره محشيا أو شارحا، فتجد الواحد منهم يهتم بقول شيخه الأنور شيخ الأزهر .. أو مولاه السيد المبجل .. اهتمامه بالنصوص الشرعية المحكمة ... و كأن سيده ومولاه يقصد كل حرف ذكره .. و كأن نصوص مولاه خالية من كل إبهام لا يسلم منه البشر .....

أراه عصرا مظلما ساد فيه الصوفية المخرفة .. فلا أكاد أقرأ في حاشية من هذه الحواشي إلا أشم فيها رائحة التصوف الذي فشا في هذا العصر

وأعلم تمام العلم أن العقول المتحجرة لهذه الحقبة الزمنية هي التي غيبت الشريعة الإسلامية بالكلية حين تعصب كل غبي لمذهبه ورأى أنه الأجدر للتطبيق، فأضاع المسلمون فرصة حق لهم أن يبكوا عليها قرونا

و أعلم تمام العلم هؤلاء (المحشين) كانت مواقفهم من أكثر المواقف سلبية حين الغزو الأجنبي للبلاد .... فهم صوفية مخرفة .. علمهم حواشي و تقريرات على آلهتهم الذين يتعبدون بنصوصهم .. فأنّى لهم أن يستشعروا روح الإسلام و الجهاد

فالمذهب لا يتعدى كونه ضبطا للتفقه .. لا يعني تعبد بنصوص أئمة المذهب و لا يعني تصوفا و تخريفا ..

و لو وجد الضبط بغيره فأنا أقول به

و أما عند التطبيق فأنا أرى ضرورة عدم الاقتصار على مذهب بعينه، بل لابد من الاجتماع و المشورة من اهل العصر ... و لابد من انتخاب الفقه من تراثنا الإسلامي ككل .. فنتعامل مع الفقه كلها ـ كما قال المعلمي اليماني ـ كمدرسة واحدة اختلف أصحابها .. فينتخب القانون الشرعي من كل مدراسنا، لأن (المدرسة) الواحدة فقط تسد خانة تعليمية، و لا تسد حاجة دولة إسلامية عظمى

وبالنسبة للدكتور البوطي فكتابه لم يضف لي أي جديد .. فهو عبارة عن حوار حول جواز التمذهب .. بل لعلكم تذكرون ـ لو قرأتم الكتاب ـ أنه لم يتعرض البتة للدارس للفقه .. بل كل كلامه كان ردا على من يلزم العامي باتباع الحديث وهو عامي جاهل لا يملك شيئا من اداوت الاجتهاد .. فالكتاب ليس فيه شيء البتة .. إلا أن يكون المنتقد فيه هو أن مؤلفه البوطي .. !

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير