تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس هذا مدخلاً لأصل مسألتنا وهو جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى الله تعالى ..

فإن طلق الزوج زوجته طلاقاً باتاً ثم أراد الرجوع إليها ولم يجزم ويقطع أنها ستكون أفضل مما كانت في حياتهما الزوجية الأولى ولا هي كذلك ..

فرجح من ظهور علامات القبول والرضا الموافقة على الإحسان والعشرة بالمعروف فله أن ينكحها ..

وإن ظهر له أو ظن كذلك من خلال كلامها أنها لن تعينه على إقامة حدود الله في الزوجية وهي العشرة بالمعروف والإحسان فليس له أن ينكحها ..

فهو ما طلقها إلا لأجل أسباب معينة وموافقتها على الزواج موافقة على ترك هذه الأسباب التي أوجبت التطليق ..

أما إن كانا يريدان أن يتراجعا وهما على ما كان عليه من شقاق وفعل ما يوجب الشقاق والتطليق فلا يحل لهما ذلك لأنه العمل بما يجزم كل منهما أنه يضر صاحبه به ..

وقد أمرنا في الزواج بأن نحسن إلى بعضنا وأن لا نضار بعضنا ..

فإما إمساك بمعروف وإما تسريح بمعروف ..

فهذا الظن الذي ذكرته ليس هو الذي ذكرته أنا ..

وليس هو كذلك محل النزاع ههنا ..

فكيف نقول أن الظن ههنا منسوب إلى الله تعالى .. ؟!

بل لا يمكن ذلك ..

وكذلك إن قلت أن هذا الظن غالب وأمرنا بالعمل به فليس كذلك أيضاً ..

دعنا نفترض وجود زوج طلق زوجته وأراد إرجاعها ..

وهي مثلاً أختك والزوج أخي ..

وحصل الخلاف والتطليق لأجل معصية الزوج وطلبه من الزوجة أن تأتي ما حرم الله تعالى أو كان عاصياً فاسقاً يشرب الخمر ويزني ..

ثم تقدم أخي يريد إرجاع زوجته ..

ألا تقول له وهي أختك ..

هل تبت عن الحرام .. ؟ وهل أتيت لترجعها ولتطلب منها ما حرمه الله تعالى أيضاً .. ؟

هل تركت الباطل الذي كان بسببه التطليق .. ؟!

سيقول لك نعم الحمد لله ..

فظهر لك أن حاله استقام وليس لك البحث عن نيته ..

فلك أن تأذن لأختك بالزواج منه لظهور صلاحه وترك ما أوجب التطليق ..

وإن قال لك لا لم أتب لازلت أتعاطى الخمر وغيرها ..

فهل توافق حينها .. ؟!

فأي حكم ههنا بالظن الراجح الغالب الذي يعمل به أهل الرأي .. ؟!

فهذا ظهور علامات معينة وهي توبته أو رجوعه إلى الحق أو ترك موجبات التطليق فأوجبت أن نوافق أو نرفض الزواج ..

فالظن ههنا ليس كما ذهبت إليه في تفسيرك ..

فهو أمر ظاهر للزوج والزوجة من خلال ما يشاهدان ..

وهما لا يقطعان بأن يقيما حدود الله تلك في كل أحد ..

لأنك لا تستطيع أن تقطع بخلق شخص وأنه سيأتي بالحلال دائماً ..

لكن ظهر من قول الزوج وتوبته وعزمه على ترك ما أوجب التطليق أنه سيقيم حدود الله فيها التي تركها عند التطليق الأول ..

وكذلك الزوجة ولا فرق ..

فلم يكن الحكم بناء على الظن ههنا ..

إنما هي موافقة على الزواج أو عدم الموافقة بظهور ما يدل قطعاً على ترك التعدي على حدود الله ..

لأنك لا تستطيع أن تقول أن المطلقة لأجل ترك إقامة حدود الله وشريعته في الزوجية ترجع للزوج دون أن تتأكد منه أنه لن يعود إلى ذلك ..

وكذلك الزوج بلا فرق ..

فيدخل الظن ههنا في نفسها ونفسه ..

فهل سيطبق شرع الله في هذه الحياة الزوجية بعدما أكد لي قبل عقد الزواج أو لا؟!

فهذه يشك فيها كل أحد لأنها أخلاق وأديان وقلوب يقلبها الله تعالى بين أصبعيه ..

واكتفت الزوجة أو الزوج بما نطق به أحدهما من التوبة والعزم على عدم العود إلى موجبات تلك الفرقة ..

وقلت حفظك الله ..

((و هذا كذلك ظن راجح و مع لذلك اتبعه يوسف عليه السلام و لم يكن هذا اتباع للظن المحرم قال بن كثير رحمه الله (ولما ظن يوسف عليه السلام أن الساقي ناج, قال له يوسف خفية عن الاَخر, والله أعلم ـ لئلا يشعره أنه المصلوب ـ قال له {اذكرني عند ربك} يقول: اذكر قصتي عند ربك, وهو الملك, فنسي ذلك الموصى أن يذكر مولاه الملك بذلك, ... ).)) ..

أقول بارك الله فيك ..

وليست هذه الآية دليلاً على جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى الله تعالى وشرعه ..

يوسف الصديق عليه السلام فسر الرؤيا وظن أن هذا الرجل ناج ..

وقال له اذكرني عند الملك ليخرجني من السجن ..

وهذا ليس اتباع ظن ولا قول به ولا نسبته إلى الشرع ..

فلا يصلح هذا الدليل للاستشهاد به في محل النزاع ..

وهذا لا مدخل له في التشريع والحكم في الدين في شيء أصلاً ..

وقلت بارك الله ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير