تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن غلب على ظنه صدق النبي صلى الله عليه و سلم ثم اتبع النبي صلى الله عليه و سلم على هذا الإعتقاد و ترك عبادة الأوثان و عبد الرحمن و صدقه و شهد بصدقه بلسانه و تابعه على شرعه هل يقال بأن هذا شاكا و لا يصح إيمانه و هل يستوى هذا بمن شك في نبوة النبي صلى الله عليه و سلم حتى لو تابعه على شرعه و أظهر صدقه كحال المنافقين أو بمن غلب على ظن كذب النبي صلى الله عليه و سلم بغير برهان و لا شك أنه لا يوجد برهان على هذا فلما لم يوجد دل على غلبة الظن بكذب النبي صلى الله عليه و سلم إنما هو محض اتباع الظن المنهي عنه الذي يخالف البرهان و البينة مخالفة ظاهرة و هذا وجه الرد على قوله الأخ (وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!).

فاعتقاد أهل الكفر مبني على اتباع ظن من غير برهان ظاهر و اعتقاد أهل الإيمان مبني على جزم أو ظن راجح بمرجح سواء كان هذا المرجح عقلي أو نقلي فإن اعتقاد ألوهية الله و ربوبيته و اعتقاد نبوة النبي صلى الله عليه و سلم لا يصح لا في عقل و لا نقل وجود دليل يدل على خلافهما فدل على أن كل من قال خلافهما إنما قاله بظنه المخالف للدليل قطعا و من وافقهما و إن كان بظن غالب فإنما قاله بدليل مرجح و كما قلنا سواء كان هذا الدليل نقلي أو عقلي قال تعالى {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} آل عمران151 و هذا عموم يدخل فيه كل سلطان عقلي و نقلي فإن عبادة غير الله لا تصح لا عقلا و نقلا فاستحقوا العقوبة من الله لأنهم رجحوا عبادة غير الله تعالى من غير مرجح.

و قال تعالى {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} الأنعام81 فمن غلب على ظنه صدق النبي صلى الله عليه و سلم و اتبعه على هذا هل يدخل فيمن أشرك مع الله غيره بغير برهان أم مع من يستحق الأمن من أهل الإيمان فمن آمن و صدق النبي صلى الله عليه و سلم و اتبعه على ذلك و لم يلبس هذا الإيمان بظلم لا يخالف عالم أنه داخل فيمن آمن لا فيمن أشرك مع الله غيره بل من تدبر أحوال الصحابة علم أنهم لا بد أن يبدؤوا قبل الوصول إلى اليقين و الجزم لا بد أنهم مروا بمرحلة الظن الغالب و مع ذلك لم يقل أحد أنهم إذا بلغوا هذه المرحلة لم يكونوا حينها من أهل الإيمان بل من أهل الكفر مع أنهم أظهروا الإيمان و غلب على ظنهم صدق النبي صلى الله عليه و سلم و اتبعوه و أظهروا موافقته هذلا يصح لا في عقل و لا في نقل.

و قال تعالى {قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} يونس68

فكل من قال بأن لله ولد لا شك و أنه قاله بغير برهان و سلطان سواء ادعى أنه عنده سلطان بذلك أم لك يدع لذا من اتبع هذا الظن هو و لا شك ممن اتبع الظن الباطل المحرم.

و قال تعالى {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} النجم23

فالله تعالى أرسل إليه السلطان و الحجه و البرهان و بين لهم بطلان ما يدعونه و لكنهم اتبعوا ما يطنونه حقا بلا برهان و لا حجة فكانوا بهذا مذمومين فقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً} النساء174.

أي واضحا لا لبس فيه فهو نور و النور حتى الأعمى قد يحس فيه فكيف لو كان مبينا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير