و قال تعالى {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ} الدخان9 فهم لو كانوا عندهم غلبة ظن بصدق النبي صلى الله عليه و سلم ثم أظهروا صدق النبي صلى الله عليه و سلم و اتباعه لا يقال بأنهم في شك يلعبون بل ظاهرهم أنهم من أهل الإيمان و التصديق و أما لو غلب على ظنهم صدقه ثم لم يظهروا اتباعه فكفرهم لا لأنهم شكوا بل لأنهم لم يتبعوه و لو اتبعوه لنفعهم غلبة ظنهم.
و قال تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} فصلت45
فشكهم هو الذي منعهم من تصديق موسى عليه و اتباعه و لو قيل بأن الشك هنا هو غلبة الظن قيل لو أنهم عملوا بغلبة الظن و اتبعوه و صدقوه و تبرؤوا من الكفر و الشرك هل يصبحوا مؤمنين أم لا؟
فالشك كفر بإجماع المسلمين سواء أظهر الإسلام أم لا و غلبة الظن مع التصديق و إظهار الإسلام نافعه و لا شك كما أجمع على هذا سلف الأمة و أئمتها فهي نافعه و لا شك في الدنيا و الآخرة و إن كانت أنقص من وجود الجزم و اليقين.
و قال تعالى {أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} ص8
فهم لم يصدقوا الني صلى الله عليه و سلم و لم يتبعوه لشكهم فيه و هذا الشك مبني على أنهم كانوا يستغربون كيف أرسل الله تعالى محمدا و أنزل عليه الكتاب من بينهم و لو تدبرنا في حجتهم هذه لعلمنا أنها من أسخف الحجج ولا يقبلها عقل الصغار قبل الكبار و إلا لو أنزل الكتاب على غير النبي صلى الله عليه و سلم فمكان قولهم فيه؟.
و قال تعالى {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} سبأ21
فمن غلب ظنه الإيمان بالآخرة و عمل بما غلب على ظنه هل حكمه كحكم من شك في الآخرة و اتبع هذا الظن الباطل.
و لا يقال بأن الأخ يوافق على هذا و إن سماه غيره ظن راجح أو غلبة ظن قلنا كلام الأخ يخالف هذا فهو مثلا في العمليات يوافق على كلام شيخ الإسلام في حكاية للإجماع فقال الأخ (وهذه القضية والإجماع المحكي والنص الوارد فيه حق لا نبطله وهو قولنا آنفاً ..
ولم نقل بتأثيم أحد عمل هكذا البتة ... )
و انظر قوله (وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!
فإن لم يكن مطلوباً منا اليقين بما نعتقد لصححنا عقائد باطلة بناء على أنها بذلت وسعها فعلمت أن عيسى عليه السلام هو الرب ..
واليقين لا يبطله يقين ضرورة ... ).
و قاله (ولاحظ أمراً دقيقاً ..
أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً ..
فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له ... ).
الثانية: قوله (لأننا نطلق كلمة اعتقاد ولا نعني فيها إلا اليقين بما نعتقده ..
سواء سماها البعض ظن راجح أو غالب فلا محارجة في ذلك) أهل العلم فرقوا بين اليقين و الظن الراجح لفظا و معنى فمن قال من أهل العلم بالظن الراجح و وجوده قال بأنه دون القطع و اليقين و ما ذكرته من الإجماع الذي نقله شيخ الإسلام و الإجماع كذلك الذي نقله في العلم بالمقطوع به ثبوتا و دلالة دليل واضح على أنهم يفرقون بين الأمرين فمن قال بالعمل بالظن الراجح قولا و عملا لم يرد قطعا العمل بالمجزوم به و إنما أراد العمل بالراجح و هذا ليس بيقين عندهم فليزم أن من اعتقد بظن راجح لا يصح إيمانه لأنه قد دخله الشك في إيمانه و هذا لا يوافق عليه من قال بالراجح من الظن و لا يجوز إيهام عدم التفريق بين القطع و غلبة الظن عندهم كما هو مذهب الأخ بن تميم بأنه الإيمان لا يصح إلا بيقين فالإيمان عند أهل السنة و الجماعة و إن كان يجب بالقطع و اليقين و لكن يصح بغلبة الظن و اتباعها و هذا ليس من اتباع الظن المذموم.
الثالثة: قوله (ولاحظ أمراً دقيقاً ..
أن من اعتقد وكان اعتقاده بغير يقين فلا يكون معتقداً ..
فاليقين يوجب التصديق بالشيء إن كان ذلك اليقين مصدقاً له ..
أو يوجب التكذيب بالشيء إن كان ذلك اليقين مكذباً له ... ).
¥