((و قال تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} يونس104 فمن غلب على ظنه صدق النبي صلى الله عليه و سلم ثم اتبع النبي صلى الله عليه و سلم على هذا الإعتقاد و ترك عبادة الأوثان و عبد الرحمن و صدقه و شهد بصدقه بلسانه و تابعه على شرعه هل يقال بأن هذا شاكا و لا يصح إيمانه و هل يستوى هذا بمن شك في نبوة النبي صلى الله عليه و سلم حتى لو تابعه على شرعه و أظهر صدقه كحال المنافقين أو بمن غلب على ظن كذب النبي صلى الله عليه و سلم بغير برهان و لا شك أنه لا يوجد برهان على هذا فلما لم يوجد دل على غلبة الظن بكذب النبي صلى الله عليه و سلم إنما هو محض اتباع الظن المنهي عنه الذي يخالف البرهان و البينة مخالفة ظاهرة و هذا وجه الرد على قوله الأخ (وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!)) ..
فالشك كما قلنا ونعيده أنه ضد اليقين ..
فمن لم يوقن أن الله تعالى مستحق للعبادة والربوبية فلم يكن مؤمناً ..
فالشك إن دخل الإيمان فالواجب الاستعاذة منه كما قدمت ..
وإن أصر إنسان عليه وتعمده فلا يكون من أهل الإيمان ..
فالظن وهو الشك وهو ضد اليقين إن حصل من أحد وقال به في عقيدة أو عمل في كتاب الله أو سنة رسوله وعاند فيه بعد بيان الحق له وعاند أو جحد فلا يكون من أهل الإيمان ..
أما اعتراضك على قولي ..
((وإلا ما الفرق بين اعتقاد أهل الإيمان واعتقاد أهل الكفر .. ؟!)) ..
فلا أرى كيف فاتك ما قلته .. !
فلا تأتي لجملة وتفسرها دون بقية الكلام حتى تعي ما أتكلم عليه ..
وقد قلت هذه الجملة بعد كلام كثير عند قولك ..
((من عمل بوسعه ثم اعتقد أمرا بحسب وسعه و طاقته و إن لم يجزم به جزما قاطعا صح اعتقاده سواء قيل أن هذا ظن غالب أو راجح أو سمي علما فهذا ما نريد أن نبينه و لا مشاحة في الإصطلاح)) ..
وقد قلت أنا ..
((فإن لم يكن مطلوباً منا اليقين بما نعتقد لصححنا عقائد باطلة بناء على أنها بذلت وسعها فعلمت أن عيسى عليه السلام هو الرب .. واليقين لا يبطله يقين ضرورة .. فالنص الذي أوردته هو طلب الله تعالى بعد أن نوقن أنه الله المستحق للعبادة والربوبية منا أن نتقيه بما استطعنا .. )) ..
فليست العقيدة الصحيحة هي بذل الوسع كما تقول بحسب الطاقة وإن لم نجزم ..
ولو كانت كذلك لصححنا عقائد الكفار لأنهم بذلوا وسعهم وطاقتهم ولم يكونوا جازمين أو جازمين في اعتقاد ألوهية عيسى عليه السلام ..
هذا وجه اعتراضي على كلامك هذا ..
وبيان بطلانه ..
فالشك في اعتقاد المسلم في ربه أو دينه هو المخرج عن الملة بعد بيان الوجه الصحيح للشاك وعاند ..
فالمطلوب منا أن نوقن في أنفسنا أن الله حق وما جاء به حق ..
والظن هو شك بلغتنا التي خوطبنا بها ..
ولا تلزم أحد تعريفات من لم يخاطبنا الله تعالى بلغتهم وبيانهم ..
وهم من تبعهم من جاء من علمائنا بهذه التعريفات وحشى بها كتبنا في الأصول والاعتقاد ..
فمن شك فلا يكون موقناً أصلاً ..
فاعتقاد أهل الإيمان بمني على يقين أن الله تعالى حق ومستحق للعبادة والربوبية وليس على ظن أو غالب ظن ..
فالمشكلة أنك تستعمل الظن في غير محله وتقول لا عبرة بالألفاظ وإنما بالمعنى ..
والمعنى في الظن في اللغة العربية هو الشك وأمرنا أن نتبع في تفسير ألفاظ الشرع اللغة أو الشرع نفسه ..
فليتك وقفت هنا ..
والذي يجب أن تحرره عندك وتعلمه ..
أن قول الناس (يقين) يريدون به الحكم أو الشيء نفسه ..
وهو الثابت عندهم أو الذي يتكلمون فيه ..
أي ثبت هذا عندي بيقين وهو ضد الشك ..
أما الدليل الذي أوجب هذا فلا يقولون عنه يقين ..
وإنما يقولون ثبت هذا بيقين من برهان أو عن برهان ..
وإذا قالوا (ظن) ..
يريدون به الشك وهو عدم اليقين ..
أي هذا الأمر مشكوك به عندهم ..
فإذا أطلقنا كلمة ظن في اعتقادنا بالله ورسله وكتبه بلغتنا التي خوطبنا فيها لم نكن من أهل الإيمان ..
فالواجب تفسير ألفاظ الشريعة بلغتنا إن لم يكن للشرع تفسير لها ..
والذي لا يخالف فيه عالم كما قلت أنت هو الذي يوقن أن الله حق ودينه حق ..
¥