ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[04 - 07 - 05, 12:08 م]ـ
و احتججت بقوله تعالى {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} يوسف42
فرد الأخ على احتجاجي بقوله أقول بارك الله فيك ..
وليست هذه الآية دليلاً على جواز العمل بالظن وجواز نسبته إلى الله تعالى وشرعه ..
يوسف الصديق عليه السلام فسر الرؤيا وظن أن هذا الرجل ناج ..
وقال له اذكرني عند الملك ليخرجني من السجن ..
وهذا ليس اتباع ظن ولا قول به ولا نسبته إلى الشرع ..
فلا يصلح هذا الدليل للاستشهاد به في محل النزاع ..
وهذا لا مدخل له في التشريع والحكم في الدين في شيء أصلاً ... ).
فالله تعالى أقر يوسف على ظنه و لم يرد عليه بأن اتباعه للظن هنا محرم ولم يكن ظن يوسف هنا ظن مساوي و لا مرجح بغير دليل فدل على أن العمل بالظن الراجح بمرجح معتبر معتبر عند الله و عند رسله عليهم السلام و أما التفريق بين الديانه و بين غيرها فهذا تفريق من غير دليل فلم يذكرنا الأخ الفاضل دليل من كتاب و سنة أو إجماع معتبر حرمة العمل بالظن الراجح إذا كان الترجيح بمرجح معتبر شرعا فدلائل كتاب الله عامة لا يجوز تخصيصها إلا بدليل صحيح معتبر و إلا كان تحكما على الله و قلنا أكثر من مرة الظن يدخل في فهم كتاب الله و سنة رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم و مع ذلك لم ينه أحد من الصحابة من الشروع في تفسير كتاب الله أو بيان مراد النبي صلى الله عليه و سلم نعم قد يتوقف بعضهم خوفا من القول على الله بغير علم أو لعدم ترجح أحد المعاني عنده و لكن لم يتوقف كلهم عن هذا الأمر إذا ترجح عنده أحد المعاني.
فالمحرم كما ذكرنا هو اتباع الظن بغير برهان و المشروع اتباع الظن ببرهان فمن قال بأن اتباع الظن ببرهان ظاهر يدخل في اتباع الظن الممنوع فقد افترى على الله و كذب فكل اتباع للظن بغير برهان فهو محرم سواء كان في العمليات أو العلميات و سواء كان في الكليات أو الجزئيات أو المعينات و كل اتباع الظن ببرهان ظاهر جائز سواء كان في العمليات أو العلميات و سواء كان الكليات أو الجزئيات أو المعينات و من قال غير هذا فقد أتى بقول لا يسنده لا عقل و لا نقل و إنما اشتبه عليه نصوص من كتاب الله تعالى تحرم اتباع الظن فظن أن كل ظن لا يجوز اتباعه ثم لما نظر إلى كتاب الله تعالى و سنة النبي صلى الله عليه و سلم و الأمر بالتمسك بهما أخرج فهمهما و إن كان بظن راجح من الظن المحرم مع أن المعنى و احد ففرق بين وجوب اتباع الكتاب و السنة بالجملة و حرمة الخروج عنهما و بين التمسك بفهمها و اتباعه ففهم النصوص لا يلزم كل معين و إنما يلزم من رجح هذا الفهم و من وافقه على هذا الفهم و لا يلزم من خالفه في الفهم إذا كان النص يحتمل أكثر من معنى و كان المرجح من أهل الإجتهاد بل و لا من توقف عن ترجيح أحد الأقوال المعتبره في النص و هذا الأصل كما هو مستقر في نصوص الكتاب و السنة كذلك مستقر في القياس عن من قال بالقياس و لا فرق.
و الأقوال المعتبره المختلفه في نصوص الكتاب و السنة يجوز لمن رجح أحدها بما ظهر له نسبتها إلى الله تعالى أو الرسول صلى الله عليه و سلم بما ترجح عنده و إن لم يكن جازم بما ترجح عنده و يجوز له كذلك عدم نسبتها و نسبة هذا الفهم لنفسه و هذا الأصل يلزم الظاهرية و غيرهم فمن المستقر حسا و مشاهدة و عقلا و شرعا أن الظاهرية و لاشك أصابوا في فهم بعض نصوص الكتاب و السنة و أخطأوا في بعضها فهل يحل لهم نسبة ما أخطأوا به إلى الله و رسوله صلى الله عليه و سلم فإن قيل يحل قيل كذلك يحل لغيرهم هذا و إن قيل يحرم قيل فلم ينسبون كل ما فهموه من النصوص إلى الله و رسوله صلى الله عليه و سلم مع أنهم و لا شك يقعون في فهم بعض النصوص خطأ و يقطعون بخطأ مخالفهم كما نقل شيخ الإسلام عن داود و أصحابه و من المعلوم أن ما أخطأوا في فهمه لم يكونوا جازمين و إلا لكان في نفسه حقا.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[04 - 07 - 05, 12:49 م]ـ
تنويه مهم قبل إكمال الرد على الأخ الفاضل:
أنا لم أقل في حياتي كلها وجوب العلم بالظن الراجح فيما كان محله اجتهادات أهل العلم سواء كان هذا الظن في النص أو في القياس و اجتهادات اهل العلم كما ذكر شيخ الإسلام تسوغ و لا تجب و لا تلزم كل معين كما يلزم الشرع المنزل كل معين ففهم الشرع شئ و التمسك بعين الشرع شئ آخر.
و لكن أصل الخلاف قول الأخ (هل يجوز العمل بالظن ونسبته إلى الشرع وإلى الله تعالى وإلزام الناس به أو لا يجوز .. ؟
فهنا يحصل الخلاف لذلك يقول أهل الظاهر لا يجوز الحكم بالظن في فتيا أو قضاء أو حكم بين الناس في كل شيء ولا يحل نسبته إلى الشرع ..
ولم يرد نص من الشريعة بجواز العمل بالظن البتة .. ) هذا كلامه بنصه و فصه.
فالأخ كلامه ظاهر بأنه يحرم العمل بالظن الراجح بل و يجزم بأنه لم يرد نص في الشرع بجواز العمل بالظن البته و لا يقال بأنه مراده هنا العمل بالظن غير الراجح لأن العقلاء كلهم مجمعون بعدم جواز الترجيح من غير مرجح و أهل العلم كلهم يحرمون اتباع الظن من غير ترجيح بمرجح بغض النظر عن صحة المرجح أو بطلانه فشيخ الإسلام رحمه الله يسوغ اتباع الظن الراجح و هو ما سماه بإجتهادات المجتهدين و الظاهرية كما نقل عنهم الأخ يحرمون اتباع اجتهادات المجتهدين.
و أما مسألة نسبته للشرع فهذه مسألة أخرى قد بينا وجه في أكثر من موضع.
¥