تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ.).

تدب قول عائشه رضي الله عنها (َهُوَ يَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ «كَيْفَ تِيكُمْ». فعائشه رضي الله عنها أحست تغيرا من النبي صلى الله عليه و سلم و هذا التغير و لا شك له سبب و سببه و لا شك حادثة الإفك و لو كان النبي صلى الله عليه و سلم يتيقن بأن عائشه رضي الله عنها لم تزن لم يصدر منه مثل هذا الفعل و ليس هذا شكا من النبي صلى الله عليه و سلم في عائشه و لكن طرأ على النبي صلى الله عليه و سلم ما يضعف يقينه بسلامة عائشه من الفاحشة و إن كان لم يثبت هذا الفعل حينها و لم ينف كذلك فالنبي بقى على أصل العفة و الطهارة و الشرف لأنه هو الثابت حينها و أما الوقوع في الفاحشة لم يثبت.

و انظر قول علي رضي الله عنه (عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كثير) فلو كان علي متيقنا بأنها لم تفعل الفاحشه لم يقل هذا و لنفى هذا الفعل عنها و أمر النبي صلى الله عليه و سلم بإمساكها لا بمفارقتها ثم إن فعل النبي صلى الله عليه و سلم و دعوته لإسامه و علي رضوان الله عليهما دليل صريح بأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن جازما ببراءتها و لو كان جازما لما سألهما ثم سؤاله الجارية عنها مع أنها رضي الله عنها تبيت في فراشه بل و قول أسامه رضي الله عنه (هُمْ أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا.) هو تمسك بالأصل المتيقن و هي أنها على أصلها لا نعلم عنها إلا خيرا و ليس فيه جزم بأنها لم تقع بالفاحشه و إنما فيه العمل بالأصل السابق مع احتمال أن لا تكون هذه الحادثة داخله في هذا الأصل و لو كان الأصل المتيقن بأنها طاهره و أنها لم تقع بالفاحشه يكفي في الحكم عليها لما احتاج النبي صلى الله عليه و سلم إلى سؤال أسامه و علي بل و لما احتاج كل هذا السعي لإثبات براءتها بل و لما احتاج المسلمون إلى الخوض في هذه الحادثة لأن عندهم أصل سابق يجب التمسك به و هو الأصل عفتها و طهارتها حتى يثبت خلافه و الواجب هو التمسك بالأصل و لكن يضعف هذه التمسك لأن هذه الحادثة يمكن وقوعها و يمكن عدم وقوعها عندهم فكثر الخوض فيها كما قالت عائشه رضي الله عنها (وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ وَلاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ ... ) و من المعلوم أن الناس لم يفيضوا بكلام أهل الإفك قبل هذه الحادثة و لا يشكون بطاهرة عائشه أبدا و لكن هذه الحادثة أضعفت هذا اليقين فكان لا بد من الرجوع إلى هذا اليقين ببرهان حتى لا يكون لأحد في هذه المسألة كلام و كان من الواجب التمسك بالأصل و هو طاهرتها حتى يتيقن أحج الأمرين لذا أمر الله تعالى بأن يظن المسلمون بأنفسهم خيرا حتى يثبت خلاف هذا الظن بدليل مع احتمال صحة هذا الظن و احتمال بطلانه و لو كان الظن هنا المراد به اليقين و كان هذا اليقين عام في جميع المؤمنين لكان الواجب عقوبة من وقع في الإفك قبل ثبوت براءتها لأنه أمر متيقن ظاهر عام مبني على أصل صحيح و لكن الحق أن هذا الظن غير متيقن فلم يجز عقوبة من خاض في الإفك حتى يثبت براءتها بدليل و إن كان لا يجوز كذلك الظن بأنها وقعت في الفاحشة لأن لم يثبت ذلك عليها.

و في الحديث كذلك (دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ - قَالَتْ - وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ لِى مَا قِيلَ وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى بِشَىْءٍ - قَالَتْ - فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ». فأي يقين عند النبي صلى الله عليه و سلم الذي يمنعه من الجلوس معها شهرا كاملا و لم تغير عنه إلا بسبب تغير يقينه بعفتها و

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير