ولا ندرى: لماذا اختيرت سنة 1875م بالذات لاستصدار القوانين المختلطة؟ هل لأن والى مصر فى ذلك الحين كان يعلم أن الدولة العثمانية بصدد استصدار قانون مدنى مستمد من الشريعة الإسلامية، وأن هذا القانون تم إعداده ومراجعته وهو الآن فى طريقه ليكون واجب التطبيق، فأراد هذا الوالى أن يقطع خط الرجعة ويتخذ لنفسه مندوحة للابتعاد عن أحكام الإسلام؟
لا ندرى، ولا نستطيع أن نجزم بشئ فى هذا الصدد، ولكن هذا الاحتمال وارد () من غير شك.
وفى السنة التالية مباشرة 1876م صدرت مجلة الأحكام العدلية، ولكن القائمين على شئون مصر فى ذلك الحين لم يرتضوا تطبيق هذه المجلة بحجة أن مصر تتمتع بالاستقلال التشريعى.
ولكن هذه الحجة واهية ولعلها تخفى وراءها أمرا، وقد كان، ففى سنة 1883 صدرت القوانين الأهلية لتحكم المنازعات بين المصريين، فخرجت مصر بذلك عن نظامها الإسلامى الذى ظلت تحكم به ثلاثة عشر قرنا، وصارت من ذلك الحين تحكم بغير ما أنزل الله، باستثناء ذلك النطاق المحدود المسمى بالأحوال الشخصية ولو كان القائمون على الأمر صادقين فى حجتهم لأخذوا بهذا الجهد الصادق الذى قام به الأستاذ الفقيه محمد قدرى باشا فى هذه الفترة بالذات حيث وضع كتابه الشهير "مرشد الحيران فى معرفة أحوال الإنسان" فى أحكام المعاملات، وقد صاغه صياغة دقيقة مرتبة فى شكل مواد تصل إلى 941 مادة كلها مأخوذة من الفقه الحنفى، وقد استرشد فيها بمجلة الأحكام العدلية. ولكنهم لم يريدوا لمصر إلا أن تخرج خروجا يكاد يكون كليا عن نظامها القانونى المستمد من الشريعة الإسلامية" ().
وفى سبيل العودة إلى النظام القانونى المستمد من الشريعة الإسلامية خطت مصر- الحكومة – خطوة عملية بالنص الدستورى – بعد التعديل فى 30/ 4/1980م- على أن "مبادىء الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع" () وشكلت اللجان وصيغت النصوص، ولكن أكثرها لم يزل حبيس الأدراج، لعلل أخرى باهتة، والأمل أن يطرد الطعن على النصوص بعدم الدستورية، وأن تتجرأ المحكمة الدستورية العليا على مراجعة حكمها بأن التعديل الدستورى قصد به مخاطبة سلطات التقنين ()، وأنه لا يسرى – كما تقول المحكمة - إلا على القوانين التى صدرت بعد نفاذه ()، فتسقط القوانين المخالفة، والأولى قطعا أن تصدر القوانين الشرعية جملة بالطريق المعهود. والله الموفق.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[27 - 12 - 06, 06:21 م]ـ
الفكرة التي أريد تقديمها هي التالي: أن الاجتهاد لم ينقطع قط في تاريخ الإسلام، إنما أسلوب الاجتهاد ..
أما الظن بأن الاجتهاد انقطع والفقه جمد، فإنما هو عائد للقفزة الحضارية الشاهقة التي مر بها العالم، لا إلى الفقه نفسه، أما الفقه فهو متطور مع الزمان والمكان بحسبه، فإذا ركدت الحضارة ظهر كأنه راكد، وإذا تحركت تحرك معها، لأن الفقه هو البحث في الأحكام الشرعية المستمدة من المصادر التشريعية للحكم على المستجدات الوقتية ...
ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[27 - 12 - 06, 09:57 م]ـ
حبذا لو تفضلت شيخنا الفاضل بشرح هذه الرؤية وإسنادها بحجة ودليل فهى فى رأيى تفيد كثيرا فى الدفع فى وجه أولئك الذين يقصدون إلى إشاعة روح الهزيمة بين المسلمين. بارك الله فيك.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[28 - 12 - 06, 04:40 ص]ـ
شرحها هو المقال أعلاه، والتفصيل والتوضيح يظهر جليا بقراءة كتب المتأخرين، خاصة كتب النوازل التي كلها اجتهادات، وحلول لمشاكل وقتية لم تكن لدى من سبق ...
والتمثيل لذلك، يحتاج لمصنف كبير ... فقد رسمنا الخطة لمن أراد مزيد بحث ..
وأنا أرى بأن القول بانقطاع الاجتهاد بمعناه الشرعي دعوى استشراقية الهدف منها توهين عقول السادة العلماء والتقليل من شأنهم ... على أنهم في ديننا ورثة الأنبياء ومداد الدين، كثر الله جمعهم ورزقنا رضاهم بمنه وكرمه ...
ـ[صخر]ــــــــ[02 - 02 - 07, 04:29 ص]ـ
أما الفقه فهو متطور مع الزمان والمكان بحسبه، ...
كيف ذاك شيخنا الحبيب؟
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[07 - 02 - 07, 07:50 م]ـ
المسألة واضحة لا تحتاج لشرح، فإنه كما قال مالك رحمه الله: "يحدث للناس من الأقضية في دينهم مقدار ما أحدثوه من الفجور" ...
ذاك بمعنى، وبمعنى آخر، قد شرحناه في صلب المقال، فيمكن الرجوع إليه ...
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[07 - 02 - 07, 08:36 م]ـ
وفى سبيل العودة إلى النظام القانونى المستمد من الشريعة الإسلامية خطت مصر- الحكومة – خطوة عملية بالنص الدستورى – بعد التعديل فى 30/ 4/1980م- على أن "مبادىء الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع" () وشكلت اللجان وصيغت النصوص، ولكن أكثرها لم يزل حبيس الأدراج، لعلل أخرى باهتة، والأمل أن يطرد الطعن على النصوص بعدم الدستورية، وأن تتجرأ المحكمة الدستورية العليا على مراجعة حكمها بأن التعديل الدستورى قصد به مخاطبة سلطات التقنين ()، وأنه لا يسرى – كما تقول المحكمة - إلا على القوانين التى صدرت بعد نفاذه ()، فتسقط القوانين المخالفة، والأولى قطعا أن تصدر القوانين الشرعية جملة بالطريق المعهود. والله الموفق.
الرئيسى
أنظر لخبثهم، الرئيسي لا الأوحد. أي وفقا للدستور يجوز وجود مصادر أخرى غير رئيسية
قبحهم الله
¥