تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان على التحريم لم يختلف أكثر العامة فيه أنه نهى عن الذهب بالورق إلا هاء وهاء وعن الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد ونهى عن بيعتين في بيعة فقلنا إذا تبايع المتبايعان ذهبا بورق أو ذهبا بذهب فلم تيقابضا قبل أن يتفرقا فالبيع مفسوخ وكان حجتنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عنه صار محرما وإذا تبايع الرجلان بيعتين في بيعة فالبيعتان جميعا مفسوختان بما انعقدت وهو أن يقول أبيعك على أن تبيعني لأنه إنما انعقدت العقدة على أن ملك كل واحد منهما عن صاحبه شيئا ليس في ملكه ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ومنه أن أقول سلعتي هذه لك بعشرة نقدا أو القدرة عشر إلى أجل فقد وجب عليه بأحد الثمنين لأن البيع لم ينعقد بشيء معلوم وبيع الغرر فيه أشياء كثيرة نكتفي بهذا منها ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار والمتعة فما انعقدت على شيء محرم على ليس في ملكي بنهي النبي صلى الله عليه وسلم لأني قد ملكت المحرم بالبيع المحرم فأجرينا النهي مجرى واحدا إذا لم يكن عنه دلالة تفرق بينه ففسخنا هذه الأشياء والمتعة والشغار كما فسخنا البيعتين

ومما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحالات دون بعض واستدللنا على أنه إنما أراد بالنهي عنه أن يكون منهيا عنه في حال دون حال بسنته صلى الله عليه وسلم وذلك أن أبا هريرة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يخطب أحكم على خطبة أخيه فلولا الدلالة عنه كان النهي في هذا مثل النهي في الأول فيحرم إذا خطب الرجل امرأة أن يخطبها غيره فلما قالت فاطمة بنت قيس قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حللت فآذنيني فلما حلت من عدتها أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ولكن انكحي أسامة بن زيد قالت فكرهته فقال انحكي أسامة فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به استدللنا على أنه لا ينهى عن الخطبة ويخطب على خطبة إلا ونهيه عن الخطبة حين ترضى المرأة فلا يكون بقى إلا العقد فيكون إذا خطب أفسد ذلك على الخاطب المرضى أو عليها أو عليهما معا وقد يمكن أن يفسد ذلك عليهما ثم لا يتم ما بينها وبين الخاطب ولو أن فاطمة أخبرته أنها رضيت واحدا منهما لم يخطبها إن شاء الله تعالى على أسامة ولكنها أخبرته بالخطبة واستشارته فكان في حديثها دلالة على أنها لم ترض ولم ترد فإذا كانت المرأة بهذه الحال جاز أن تخطب وإذا رضيت المرأة الرجل وبدا لها وأمرت بأن تنكحه لم يجز أن تخطب في الحال التي لو زوجها فيها الولي جاز نكاحه فإن قال قائل فإن حالها إذا كانت بعد أن تركن بنعم مخالفة حالها بعد الخطبة وقبل أن تركن فكذلك حالها حين خطبت قبل الركون مخالفة حالها قبل أن تخطب وكذلك إذا أعيدت عليها الخطبة وقد كانت امتنعت فسكتت والسكات قد لا يكون رضا فليس ههنا قول يجوز عندي أن يقال إلا ما ذكرت بالاستدلال ولولا الدلالة بالسنة كانت إذا خطبت حرمت خاطبها الأول أن يخطبها حتى يتركها الخاطب الأول

ثم يتفرق نهي النبي صلى الله عليه وسلم على وجهين

فكل ما نهى عنه مما كان ممنوعا إلا بحادث يحدث فيه يحله فأحدث الرجل فيه حادثا منهيا عنه لم يحله وكان على إذا لم يأت من الوجه الذي يحله وذلك مثل أن أموال الناس ممنوعة من غيرهم وأن النساء ممنوعات من الرجال إلا بأن يملك الرجل مال الرجل بما يحل من بيع أو هبة وغير ذلك وأن النساء محرمات إلا بنكاح صحيح أو ملك يمين صحيح

فإذا اشترى الرجل شراء منهيا عنه فالتحريم فيما اشترى قائم بعينه لأنه لم يأته من الوجه الذي يحل منه ولا يحل المحرم

وكذلك إذا نكح نكاحا منهيا عنه لم تحل المرأة المحرمة عنه من فعل شيء في ملكي أو شيء مباح لي ليس بملك لأحد فذلك نهي اختيار ولا ينبغي أن نرتكبه

فإذا عمد فعل ذلك أحد كان عاصيا بالفعل ويكون قد ترك الاختيار ولا يحرم ما له ولا ما كان مباحا له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير