تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد أحمد جلمد]ــــــــ[24 - 03 - 06, 11:05 م]ـ

*********************

أ ـ ما روي عنه صلي الله عليه وسلم في قصة بعثه معاذاً إلي اليمن: عن رجال من أصحاب معاذ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن، فقال: (كيف تقضي؟) فقال: أقضي بما في كتاب الله، قال: (فإن لم يكن في كتاب الله)، قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)، قال: أجتهد رأيي، قال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم)، (اللفظ للترمذي رحمه الله).

قالوا: هذا نص صحيح صريح في القياس، فالنبي صلي الله عليه وسلم أقر معاذاً علي أنه سيجتهد إن لم يجد في كتاب الله ولا في السنة المطهرة، أي سيجتهد فيما ليس فيه نص شرعي، وهذا لا يكون إلا بإلحاقه علي شيء منصوص عليه، وهذا هو القياس.

واحتج به الآمدي في نفس المسألة وفي مسائل أخري كثيرة في كتابه إحكام الأحكام.

وقال أمام الحرمين في كتابه البرهان في أصول الفقه: والعمدة في هذا الباب علي حديث معاذ، والحديث صحيح مدون في الصحاح متفق علي صحته لا يتطرق إليه التأويل.

وقال الغزالي: هذا حديث تلقته الأمة بالقبول، ولم يظهر أحد فيه طعناً ولا إنكاراً، وما كان كذلك لا يقدح فيه كونه مرسلاً، بل لا يجب البحث عن إسناده.

وقال صاحب كشف الأسرار: إن مثبتي القياس متمسكون به أبداً في إثبات القياس، ونفاته كانوا يشتغلون بتأويله، فكان ذلك إتفاقاً منهم علي قبوله.

قال ابن القيم في أعلام الموقعين عن رب العالمين:وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً على اجتهاد رأيه فيما لم يجد فيه نصاً عن الله ورسوله، فقال شعبة: حدثني أبو عون عن الحارث بن عمرو عن أناس من أصحاب معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال: (كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟) قال: أقضي بما في كتاب الله، قال: (فإن لم يكن في كتاب الله؟)،قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: أجتهد رأيي لا آلو قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدري ثم قال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).

فهذا حديث وإن كان رواته غير مسمين فهم أصحاب معاذ، ذلك لأنه يدل على شهرة الحديث وأن الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سمي، كيف وشهرة أصحاب معاذ والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث،وقد قال بعض أئمة الحديث إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به، قال أبو بكر الخطيب: وقد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ وهذا إسناد متصل ورجاله معروفون بالثقة على أن أهل العلم قد نقلوه واحتجوا به فوقفنا بذلك على صحته عندهم.

وراجع كتب أصول الفقه لترى أقوالهم في الإحتجاج بهذا الحديث علي حجية القياس، وأنه عمدة أدلتهم في المسألة.

أقول: ووالله لو ثبت لكنت أول القائلين بالقياس بلا أدني شك، وكذا كل من رد الحديث وأنكر القياس من أهل علم النبوة رضي الله عنهم لو ثبت عندهم لقالوا به، فهم والله أهل العلم والفضل واتباع الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم، أما أهل الجهل بالنقل وعلم النبوة فهم يتخبطون، ومهما كانت النوايا حسنة فإن النتائج تكون مريرة، ولهذا فإن كتب الأصوليين والفقهاء وأصحاب السير والمفسرين -إلا المسند منها- أفسدت من حيث أرادوا أن يصلحوا، فالخير كل الخير في ميراث محمد صلي الله عليه وسلم تعلما وتعليما وعملا.

ولننظر إلي أقوال أهل العلم في هذا الحديث، أعني أهل الحديث:

1 ـ قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل.

2 ـ وقال البخاري في تاريخه: الحارث بن عمرو عن أصحاب معاذ وعنه أبو عون، لا يصح ولا يعرف إلا بهذا.

3 ـ وقال الدارقطني في العلل: رواه شعبة عن أبي عون هكذا وأرسله بن مهدي وجماعات عنه والمرسل أصح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير