تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب ـ واستدلوا بما رواه أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم: أن أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ذهب أهل الدثور بالأجر يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: (أوليس قد جعل لكم ما تصدقون، كل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة)، زاد أحمد بن علي: (وفي بضع حدكم صدقة) قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر؟) قالوا: نعم، قال: (فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر).

قالوا: فهذا قياس من النبي صلي الله عليه وسلم.

أقول: لا نسلم لكم أن هذا القياس، وما أبعد ذاك عن القياس، وإنما يقيس من يجهل الحكم فيقيس ليلحق فرعاً بأصل، والنبي صلي الله عليه وسلم إنما يوحي إليه من ربه فلا يحل له أن يقول برأي ولا قياس لقول الله تعالي: " لتحكم بين الناس بما أراك الله " أي بما يوحيه إليك ربك،ولقوله تعالي " اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين "، ولقوله تعالي " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون "، فعلم أن كل جواب أجابه عليه السلام في مسألة إنما كان أجابه بوحي من الله لا من رأيه ولا قياسه، وكذا قول الله تعالي:" واتبع ما يوحي إليك من ربك " أي لا غيره، بل فقط ما أوحاه الله إليك، فهذا الذي تستدلون به علي القياس ما هو إلا ضرب الأمثال للسائل ليفهم الجواب.

سلمنا أنه قياس وليس تشبيه أصلاً معلوماً بأصل مبين، فهل هذا القياس كان قبل اكتمال الشرع أم بعده؟ الأول مسلم والثاني ممنوع، لذا فلا يحل لأحد أن يقيس بعد أن شهد الله سبحانه علي كمال الشرع المطهر وانتهت القضية.

ومع التسليم الفرضي بأن هذا نوع من القياس أقول: إن قياس النبي صلي الله عليه وسلم – بفرض أنه قاس فعلا -قياس من معصوم فالعمل به من باب العمل باليقين لا بالظن كما في قياس من ليس بمعصوم، وبيانه أنه لو قاس صلي الله عليه وسلم وكان هذا القياس مخالف لمراد الله فإن الوحي سيبين له صلي الله عليه وسلم هذا، أما قياس من لا يوحي إليه فشيء آخر لا يقاس علي قياس النبي صلي الله عليه وسلم إن سلمنا أنه قاس كما قالوا.

ثم إن اللفظ الذي يحتجون به لإثبات القياس غير ثابت في الحديث، وقد روي الحديث من طريقين، أحدهما طريق أبي هريرة رضي الله عنه عند الشيخين وليس فيه هذه الزيادة، وإنما رويت هذه الزيادة من طريق أبي ذر رضي الله عنه من وجه واحد أما باقي الأوجه عن أبي ذر فلم ترد فيها هذه الزيادة، وقد رواه مسلم وغيره من طريق مهدي بن ميمون حدثنا واصل مولى أبي عيينة عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي عن أبي ذر أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: (أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة)، قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)، وقد روي من أوجه عن مهدي بن ميمون.

وواصل مولي أبي عيينة قال عنه الحافظ في التقريب: (7374) صدوق عابد، من السادسة.

وقال أبن أبي حاتم في الجرح والتعديل: (729) يحيى بن عقيل البصري الخزاعي روى عن بن أبى أوفى ويحيى بن يعمر روى عنه واصل مولى أبى عيينة وعزرة بن ثابت والحسين بن واقد سمعت أبى يقول ذلك، نا عبد الرحمن قال ذكره أبى عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين انه قال يحيى بن عقيل ليس به بأس.

ويحيي بن عقيل هذا قال عنه الحافظ في التقريب: (7600) بصري، نزيل مرو، صدوق، من الثالثة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير