[كيف تحفظ القرآن الكريم.]
ـ[الأفغاني السلفي]ــــــــ[06 - 04 - 08, 06:24 م]ـ
كيف نبني أمة
كيف تحفظ القرآن الكريم
الدكتور / راغب السرجاني
مقدمة الكتاب
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء حزننا، وذهاب همنا ..
أما بعد ..
فإن نعمة القرآن العظيم من أعظم النعم التي منّ الله بها على عباده المؤمنين .. لدرجة أن الله سبحانه وتعالى قدم هذه النعمة على خلق الإنسان أصلاً .. وذلك كما جاء في سورة الرحمن، حيث قال سبحانه: "الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان" .. وكأن الإنسان الذي لا يتعلم القرآن لم يخلق أصلاً .. وكأنه ليست فيه حياة ..
ورد هذا المعنى أيضاً في سورة الأنفال حيث قال ربنا عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" .. وكأن الإنسان الذي لا يستجيب لكلام الله ولا لكلام رسوله إنسان ميت لا حياة له ..
وقد اختص الله عز وجل طائفة من عباده المؤمنين بنعمة جليلة، ومنة غالية وهي أن جعلهم يحفظون هذا الكتاب القيم عن ظهر قلب .. ورفع جداً من قدرهم، وعظم جداً من أجرهم .. وأمر المؤمنين جميعاً أن يجلوا أمرهم، ويقدموهم على غيرهم .. وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الأمر في أكثر من حديث .. حيث قال على سبيل المثال:
"إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" ..
ونحن في هذا الكتاب نحاول أن نضع أيدينا على بعض الأسباب التي تساعد في هذه المهمة العظيمة، والغاية الجليلة .. "مهمة حفظ القرآن الكريم" ..
وقد أحصيت لكم في هذا الكتاب عشر قواعد أساسية - لا غنى عنها أبداً - لمن أراد أن يحفظ هذا الكتاب الكريم، ثم أضفت إليها عشر قواعد أخرى مساعدة، وهي ـ وإن كانت أيضاً في غاية الأهمية ـ فإنها لا تغني أبداً عن القواعد الأساسية ..
فتلك عشرون كاملة! ..
أسأل الله عز وجل أن يمن علينا بحفظ كتابه وتدبر معانيه والعمل بما فيه، وأن يجعلنا ممن حفظوا للقرآن حرمته، وممن عظموا منزلته، وبمن تأدبوا بآدابه، والتزموا بأحكامه .. وأسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتي وحسناتكم أجمعين .. إنه على كل شئ قدير، وبالإجابة جدير ..
والآن مع صفحات الكتاب ..
د. راغب السرجاني
هذه المهمة!!
إن حفظ القرآن الكريم لمهمة من أجل المهام التي من الممكن أن يقوم بها مسلم .. وأجل من ذلك وأعظم أن تعمل بما تحفظ، وأن تدعو إلى الله عز وجل بهذا الكتاب الكريم .. قال تعالى: "ألمص، كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه، لتنذر به وذكرى للمؤمنين" ..
ولكي ندرك عظمة هذه المهمة علينا أن نتدبر قليلاً في أجر من يقرأ القرآن .. فإذا علمت أن هذا الأجر الجزيل يعطي للقارئ .. فما بالكم بالذي يحفظ؟! .. ذلك لأنه من المعلوم أن الذي يحفظ قد داوم على قراءة كثيرة .. وما زال يداوم حتى يثبت حفظه، ويراجع ما قد نساه على مر الأيام ..
روى الترمذي عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" .. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
فالعقل القاصر لا يمكن أن يتخيل حجم الثواب الهائل الذي يأخذه القارئ _ ومن ثم الحافظ ـ للقرآن.
ثم إن القرآن سيأتي يوم القيامة يدافع عن أصحابه!! .. نعم!! .. يأتي يدافع عن من اعتاد قراءته وحفظه والعمل به والدعوة إليه .. وتخيل يوم القيامة أن القرآن يأتي سورة سورة يدافع عنك!! .. فهذه البقرة تشفع لك .. وهذه آل عمران تطلب لك .. وهذه الأعراف ترجو لك .. وهذه الأنفال تتمنى لك! ..
أمر هائل أن تتخيل أن كلام الله عز وجل هو الذي يدافع عنك يوم القيامة! ..
روى الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
¥