تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه الصورة التي يشرحها لنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والفضيل بن عياض رحمه الله توضح لنا أن حفظ القرآن الكريم تربية .. وتربية عظيمة .. هو تربية للفرد .. وهو كذلك تربية للأمة .. وتخيل أمة يكثر فيها المؤمنون الذين يتصفون بهذه الصفات .. إنها _ ولا شك ـ أمة لا تموت ..

والله عز وجل كلف حمال القرآن بمهمة عظيمة جداً لا يكلف بها إلا أفاضل الرجال .. لقد أستأمنهم على أغلى وأعظم عبادات الإسلام .. لقد أستأمنهم على "الصلاة" .. فجعل الذي يؤم الناس في الصلاة هو أكثرهم قرآناً، وأعظمهم تجويداً ودراية بقواعد التلاوة ..

روى مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال: َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ" قَالَ الْأَشَجُّ فِي رِوَايَتِهِ: مَكَانَ سِلْمًا "سِنًّا".

كذلك قدم الإسلام هؤلاء الحفاظ على غيرهم في قضايا الإفتاء والشورى وأخذ الرأي .. فالذي نور الله قلبه بالقرآن، أقدر على معرفة الحق من الباطل، والصواب من الخطأ ..

روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال:

"وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا"

وحامل القرآن يثبت في أوقات الجهاد والنزال أكثر من غيره .. بل على أكتافهم توضع المسؤولية، ومن ورائهم تسير الجيوش ..

لقد كان المسلمون في موقعة " اليمامة" الشهيرة إذا حدثت لهم هزة أو انتكاسة استنجدوا بأهل القرآن .. كانوا ينادون عليهم ويقولون: "يا أهل القرآن" فيقومون، ويقوم من ورائهم المسلمون، حتى استشهد في اليمامة خمسمائة حافظ للقرآن!! .. ثم قام المسلمون بعد ذلك ينادون على حفاظ سورة البقرة: "يا أهل البقرة" .. فقاموا حتى مات منهم خلق كثير!! ..

وهذا يوضح التبعة الضخمة التي كان يحملها حفاظ القرآن الكريم ..

ولا يصح لأحد أن يقول إن المسؤولية كبيرة، ولا داعي لحملها حتى لا يسألني الله عنها!! .. فكل تكاليف الإسلام مسؤولية .. الجهاد مسؤولية .. الدعوة مسؤولية .. الإمارة مسؤولية .. قول الحق مسؤولية .. فمن يحمل مسؤوليات الإسلام إن تخلف عنها المسلمون؟! .. ثم إن الأجر على قدر المشقة .. وليس من تعب وسهر كمن تكاسل وفتر!! .. والعبرة بالنوايا والأعمال وليس بالنتائج .. والله مطلع على وسعنا، ومحاسبنا عليه .. نسأل الله لنا ولكم أن يستعملنا لدينه ..

مكانة حافظ القرآن في الإسلام

لكل ما سبق فإن حافظ القرآن الكريم كان له ـ وما زال ـ مكانة عظيمة في الإسلام، وستظل هذه المكانة ـ إن شاء الله ـ محفوظة لهم إلى يوم القيامة ..

ـ روى مسلم أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: "ابن أبزى" قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا قال: فاستخلفت عليهم مولى؟! قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض. ثم قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين".

ـ وروى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ثم يقول أيهما اكثر أخذاً للقرآن فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد".

ـ وروى أبو داود عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه - وقال النووي حديث حسن _ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط".

قواعد حفظ القرآن الكريم

من المعلوم والواضح أن حفظ القرآن الكريم ليس بالمهمة السهلة البسيطة التي يقدر عليها عموم الناس دون تفريغ الوقت والمجهود والطاقة ..

لقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه وقال فيه:.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير